القرآن وهي آياته الناهية عن القبائح ، وقيل : هم المؤمنون يرفعون أصواتهم بالقرآن عند قراءته فيزجرون الناس عن المنهيات.
وأما التاليات فقيل : هم الملائكة يتلون الوحي على النبي الموحى إليه ، وقيل : هي الملائكة تتلو الكتاب الذي كتبه الله وفيها ذكر الحوادث ، وقيل : جماعة قراء القرآن يتلونه في الصلاة.
ويحتمل ـ والله العالم ـ أن يكون المراد بالطوائف الثلاث المذكورة في الآيات طوائف الملائكة النازلين بالوحي المأمورين بتأمين الطريق ودفع الشياطين عن المداخلة فيه وإيصاله إلى النبي مطلقا أو خصوص محمد صلىاللهعليهوآله كما يستفاد من قوله تعالى : « عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ » الجن : ـ ٢٨.
وعليه فالمعنى أقسم بالملائكة الذين يصفون في طريق الوحي صفا فبالذين يزجرون الشياطين ويمنعونهم عن المداخلة في الوحي فبالذين يتلون على النبي الذكر وهو مطلق الوحي أو خصوص القرآن كما يؤيده التعبير عنه بتلاوة الذكر.
ويؤيد ما ذكرنا وقوع حديث رمي الشياطين بالشهب بعد هذه الآيات ، وكذا قوله بعد : « فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا » الآية كما سنشير إليه.
ولا ينافي ذلك إسناد النزول بالقرآن إلى جبرئيل وحده في قوله : « مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ » البقرة : ـ ٩٧ وقوله : « نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ » الشعراء : ـ ١٩٤ لأن الملائكة المذكورين أعوان جبرئيل فنزولهم به نزوله به وقد قال تعالى : « فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ » عبس : ـ ١٦ ، وقال حكاية عنهم : « وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ » مريم : ـ ٦٤ ، وقال : « وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ » الصافات : ـ ١٦٦ وهذا كنسبة التوفي إلى الرسل من الملائكة في قوله : « حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا » الأنعام : ـ ٦١ وإلى ملك الموت وهو رئيسهم في قوله : « قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ » السجدة : ـ ١١.
ولا ضير في التعبير عن الملائكة بلفظ الإناث : الصافات والزاجرات والتاليات