لأن موصوفها الجماعة ، والتأنيث لفظي.
وهذه أول سورة في القرآن صدرت بالقسم وقد أقسم الله سبحانه في كلامه بكثير من خلقه كالسماء والأرض والشمس والقمر والنجم والليل والنهار والملائكة والناس والبلاد والأثمار ، وليس ذلك إلا لما فيها من الشرف باستناد خلقها إليه تعالى وهو قيومها المنبع لكل شرف وبهاء.
قوله تعالى : « إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ » الخطاب لعامة الناس وهو مقسم به ، وهو كلام مسوق بدليل كما سيأتي.
قوله تعالى : « رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ » خبر بعد خبر لأن ، أو خبر لمبتدإ محذوف والتقدير هو رب السماوات « إلخ » أو بدل من واحد.
وفي سوق الأوصاف إشعار بعلة كون الإله واحدا كما أن خصوصية القسم مشعر بعلة كونه رب السماوات والأرض وما بينهما.
كأنه قيل إن إلهكم لواحد لأن الملاك في ألوهية الإله وهي كونه معبودا بالحق أن يكون ربا يدبر الأمر على ما تعترفون وهو سبحانه رب السماوات والأرض وما بينهما الذي يدبر أمرها ويتصرف في جميعها.
وكيف لا؟ وهو تعالى يوحي إلى نبيه فيتصرف في السماء وسكانها بإرسال ملائكة يصطفون بينها وبين الأرض وهناك مجال الشياطين فيزجرونهم وهو تصرف منه فيما بين السماء والأرض وفي الشياطين ثم يتلون الذكر على نبيه وفيه تكميل للناس وتربية لهم سواء صدقوا أم كذبوا ففي الوحي تصرف منه في السماوات والأرض وما بينهما فهو على وحدانيته رب الجميع المدبر لأمرها والإله الواحد.
وقوله : « وَرَبُّ الْمَشارِقِ » أي مشارق الشمس باختلاف الفصول أو المراد مشارق مطلق النجوم أو مطلق المشارق ، وفي تخصيص المشارق بالذكر مناسبة لطلوع الوحي بملائكته من السماء وقد قال تعالى : « وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ » التكوير ـ ٢٣ ، وقال : « وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى » النجم : ـ ٧.
قوله تعالى : « إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ » المراد بالزينة ما يزين به ،