والكواكب بيان أو بدل من الزينة وقد تكرر حديث تزيين السماء الدنيا بزينة الكواكب في كلامه كقوله : « وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ » حم السجدة : ـ ١٢ وقوله : « وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ » الملك : ـ ٥ ، وقوله : « أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها » ق : ـ ٦.
ولا يخلو من ظهور في كون السماء الدنيا من السماوات السبع التي يذكرها القرآن هو عالم الكواكب فوق الأرض وإن وجهه بعضهم بما يوافق مقتضى الهيئة القديمة أو الجديدة.
قوله تعالى : « وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ » حفظا مفعول مطلق لفعل محذوف والتقدير وحفظناها حفظا من كل شيطان مارد ، والمراد بالشيطان الشرير من الجن والمارد الخبيث العاري من الخير.
قوله تعالى : « لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ » أصل « لا يَسَّمَّعُونَ » لا يتسمعون والتسمع الإصغاء ، وهو كناية عن كونهم ممنوعين مدحورين وبهذه العناية صار وصفا لكل شيطان ولو كان بمعنى الإصغاء صريحا أفاد لغوا من الفعل إذ لو كانوا لا يصغون لم يكن وجه لقذفهم.
والملأ من الناس الأشراف منهم الذين يملئون العيون ، والملأ الأعلى هم الذين يريد الشياطين التسمع إليهم وهم الملائكة الكرام الذين هم سكنة السماوات العلى على ما يدل عليه كلامه تعالى كقوله : « لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً » الإسراء : ـ ٩٥.
وقصدهم من التسمع إلى الملإ الأعلى الاطلاع على أخبار الغيب المستوردة عن هذا العالم الأرضي كالحوادث المستقبلة والأسرار المكنونة كما يشير إليه قوله تعالى : « وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ » الشعراء : ـ ٢١٢ ، وقوله حكاية عن الجن : « وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً » الجن : ـ ٩.
وقوله : « وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ » القذف الرمي والجانب الجهة.
قوله تعالى : « دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ » الدحور الطرد والدفع ، وهو مصدر بمعنى المفعول منصوب حالا أي مدحورين أو مفعول له أو مفعول مطلق ، والواصب الواجب اللازم.