تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ » الأنبياء : ـ ١٠١.
وقوله : « فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ » الجحيم من أسماء جهنم في القرآن وهو من الجحمة بمعنى شدة تأجج النار على ما ذكره الراغب.
والمراد بهدايتهم إلى صراطها إيصالهم إليه وإيقاعهم فيه بالسوق ، وقيل : تسمية ذلك بالهداية من الاستهزاء ، وقال في مجمع البيان : إنما عبر عن ذلك بالهداية من حيث كان بدلا من الهداية إلى الجنة كقوله : « فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ » من حيث إن هذه البشارة وقعت لهم بدلا من البشارة بالنعيم. انتهى.
قوله تعالى : « وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ » قال في المجمع ، يقال : وقفت أنا ووقفت غيري ـ أي يعدي ولا يعدي ـ وبعض بني تميم يقول : أوقفت الدابة والدار. انتهى.
فقوله : « وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ » أي احبسوهم لأنهم مسئولون أي حتى يسأل عنهم. والسياق يعطي أن هذا الأمر بالوقوف والسؤال إنما يقع في صراط الجحيم.
واختلفت كلماتهم فيما هو السؤال عنه فقيل : يسألون عن قول لا إله إلا الله ، وقيل : عن شرب الماء البارد استهزاء بهم ، وقيل : عن ولاية علي عليهالسلام.
وهذه الوجوه لو صحت فإنما تشير إلى مصاديق ما يسأل عنه والسياق يشهد أن السؤال هو ما يشتمل عليه قوله : « ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ » أي لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم تفعلونه في الدنيا فتستعينون به على حوائجكم ومقاصدكم ، وما يتلوه من قوله : « بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ » أي مسلمون لا يستكبرون يدل على أن المراد بقوله : « ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ » السؤال عن استكبارهم عن طاعة الحق كما كانوا يستكبرون في الدنيا.
فالسؤال عن عدم تناصرهم سؤال عن سبب الاستكبار الذي كانوا عليه في الدنيا فقد تبين به أن المسئول عنه هو كل حق أعرضوا عنه في الدنيا من اعتقاد حق أو عمل صالح استكبارا على الحق تظاهرا بالتناصر.
قوله تعالى : « وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ ـ إلى قوله ـ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ » تخاصم واقع بين الأتباع والمتبوعين يوم القيامة ، والتعبير عنه بالتساؤل لأنه في معنى