والحشر ـ على ما ذكره الراغب ـ إخراج الجماعة عن مقرهم وإزعاجهم عنه إلى الحرب ونحوها.
والمراد بالذين ظلموا على ما يؤيده آخر الآية المشركون ولا كل المشركين بل المعاندون للحق الصادون عنه منهم قال تعالى : « فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ » الأعراف : ـ ٤٤ ٤٥ ، والتعبير بالماضي في المقام يفيد فائدة الوصف فليس المراد بالذين ظلموا من تحقق منه ظلم ما ولو مرة واحدة بل تعريف لهم بحاصل ما اكتسبوا في حياتهم الدنيا كما لو قيل : ما ذا فعل فلان في حياته فيقال ظلم ، فالفعل يفيد فائدة الوصف ، وفي كلامه تعالى من ذلك شيء كثير كقوله تعالى : « وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً » الزمر : ـ ٧٣ : « وقوله ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً ) » الزمر : ـ ٧١ وقوله : « لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ » يونس ـ ٢٦.
وقوله : « وَأَزْواجَهُمْ » الظاهر أن المراد به قرناؤهم من الشياطين قال تعالى : « وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ـ إلى أن قال ـ حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ » الزخرف : ـ ٣٨.
وقيل : المراد بالأزواج الأشباه والنظائر فأصحاب الزنا يحشرون مع أصحاب الزنا وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر وهكذا.
وفيه أن لازمه أن يراد بالذين ظلموا طائفة خاصة من أصحاب كل معصية واللفظ لا يساعد عليه على أن ذيل الآية لا يناسبه.
وقيل : المراد بالأزواج نساؤهم الكافرات وهو ضعيف كسابقه.
وقوله : « وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ » الظاهر أن المراد به الأصنام التي يعبدونها نظرا إلى ظاهر لفظة « ما » فالآية نظيرة قوله : « إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ » الأنبياء : ـ ٩٨.
ويمكن أن يكون المراد بلفظة « ما » ما يعم أولي العقل من المعبودين كالفراعنة والنماردة ، وأما الملائكة المعبودون والمسيح عليهالسلام فيخرجهم من العموم قوله