كما قال : « وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ » الشعراء : ـ ٨٠ وهم يحسبون أنه يخبر عن سقمه يوم يخرجون فيه لعيد لهم ، والمرجح عنده لجميع ذلك ما كان يهتم به من الرواغ إلى أصنامهم وكسرها.
لكن هذا الوجه مبني على أنه كان صحيحا غير سقيم يومئذ ، وقد سمعت أن لا دليل يدل عليه.
على أن المعاريض غير جائزة على الأنبياء لارتفاع الوثوق بذلك عن قولهم.
قوله تعالى : « فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ » ضمير الجمع للقوم وضمير الإفراد لإبراهيم عليهالسلام أي خرجوا من المدينة وخلفوه.
قوله تعالى : « فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ » الروغ والرواغ والروغان الحياد والميل ، وقيل أصله الميل في جانب ليخدع من يريده.
وفي قوله : « أَلا تَأْكُلُونَ »؟ تأييد لما ذكروا أن المشركين كانوا يضعون أيام أعيادهم طعاما عند آلهتهم.
وقوله : « أَلا تَأْكُلُونَ؟ ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ »؟ تكليم منه لآلهتهم وهي جماد وهو يعلم أنها جماد لا تأكل ولا تنطق لكن الوجد وشدة الغيظ حمله على أن يمثل موقفها موقف العقلاء ثم يؤاخذها مؤاخذة العقلاء كما يفعل بالمجرمين.
فنظر إليها وهي ذوات أبدان كهيئة من يتغذى ويأكل وعندها شيء من الطعام فامتلأ غيظا وجاش وجدا فقال : ( أَلا تَأْكُلُونَ )؟ فلم يسمع منها جوابا فقال : « ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ »؟ وأنتم آلهة يزعم عبادكم أنكم عقلاء قادرون مدبرون لأمورهم فلما لم يسمع لها حسا راغ عليها ضربا باليمين.
قوله تعالى : « فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ » أي تفرع على ذاك الخطاب أن مال على آلهتهم يضربهم ضربا باليد اليمنى أو بقوة بناء على كون المراد باليمين القوة.
وقول بعضهم : إن المراد باليمين القسم والمعنى مال عليهم ضربا بسبب القسم الذي سبق منه وهو قوله : « تَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ » الأنبياء : ـ ٥٧ بعيد.
قوله تعالى : « فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ » الزف والزفيف الإسراع في المشي أي فجاءوا