إلى إبراهيم والحال أنهم يسرعون اهتماما بالحادثة التي يظنون أنه الذي أحدثها.
وفي الكلام إيجاز وحذف من خبر رجوعهم إلى المدينة ووقوفهم على ما فعل بالأصنام وتحقيقهم الأمر وظنهم به عليهالسلام مذكور في سورة الأنبياء.
قوله تعالى : « قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ » فيه إيجاز وحذف من حديث القبض عليه والإتيان به على أعين الناس ومسألته وغيرها.
والاستفهام للتوبيخ وفيه مع ذلك احتجاج على بطلان طريقتهم فهو يقول : لا يصلح ما نحته الإنسان بيده أن يكون ربا للإنسان معبودا له والله سبحانه خلق الإنسان وما يعمله والخلق لا ينفك عن التدبير فهو رب الإنسان ومن السفه أن يترك هذا ويعبد ذاك.
وقد بان بذلك أن الأظهر كون ما في قوله : « ما تَنْحِتُونَ » موصولة والتقدير ما تنحتونه ، وكذا في قوله : « وَما تَعْمَلُونَ » وجوز بعضهم كون « ما » فيها مصدرية وهو في أولهما بعيد جدا.
ولا ضير في نسبة الخلق إلى ما عمله الإنسان أو إلى عمله لأن ما يريده الإنسان ويعمله من طريق اختياره مراد الله سبحانه من طريق إرادة الإنسان واختياره ولا يوجب هذا النوع من تعلق الإرادة بالفعل بطلان تأثير إرادة الإنسان وخروج الفعل عن الاختيار وصيرورته مجبرا عليه ، وهو ظاهر.
ولو كان المراد نسبة خلق أعمالهم إلى الله سبحانه بلا واسطة لا من طريق إرادتهم بل بتعلق إرادته بنفس عملهم وأفاد الجبر لكان القول أقرب إلى أن يكون عذرا لهم من أن يكون توبيخا وتقبيحا ، وكانت الحجة لهم لا عليهم.
قوله تعالى : « قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ » البنيان مصدر بنى يبني والمراد به المبني ، والجحيم النار في شدة تأججها.
قوله تعالى : « فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ » الكيد الحيلة والمراد احتيالهم إلى إهلاكه وإحراقه بالنار.
وقوله : « فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ » كناية عن جعل إبراهيم فوقهم لا يؤثر فيه كيدهم