من غير مفعول كما في الآية السابقة من قوله : « وَأَبْصِرْهُمْ » والحذف يشعر بالعموم وأن المراد إبصار ما عليه عامة الناس من الكفر والفسوق ويناسبه التهديد بعذاب يوم القيامة.
قوله تعالى : « سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ » تنزيه له تعالى عما يصفه به الكفار المخالفون لدعوة النبي صلىاللهعليهوآله مما تقدم ذكره في السورة.
والدليل عليه إضافة التنزيه إلى قوله : « رَبِّكَ » أي الرب الذي تعبده وتدعو إليه ، وإضافة الرب ثانيا إلى العزة المفيد لاختصاصه تعالى بالعزة فهو منيع الجانب على الإطلاق فلا يذله مذل ولا يغلبه غالب ولا يفوته هارب فالمشركون أعداء الحق المهددون بالعذاب ليسوا له بمعجزين.
قوله تعالى : « وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ » تسليم على عامة المرسلين وصون لهم من أن يصيبهم من قبله تعالى ما يسوؤهم ويكرهونه.
قوله تعالى : « وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » تقدم الكلام فيه في تفسير سورة الفاتحة.
( بحث روائي )
في الدر المنثور ، أخرج محمد بن نضر وابن عساكر عن العلاء بن سعيد : أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال يوما لجلسائه : أطت السماء وحق لها أن تئط ، ليس منها موضع قدم إلا عليه ملك راكع أو ساجد. ثم قرأ « وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ».
أقول : وروي هذا المعنى عنه صلىاللهعليهوآله بغير هذا الطريق.
وفيه ، أخرج ابن مردويه عن أنس : أن النبي صلىاللهعليهوآله كان إذا قام إلى الصلاة قال : استووا تقدم يا فلان تأخر يا فلان أقيموا صفوفكم ـ يريد الله بكم هدى الملائكة ثم يتلو : « وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ».
وفي نهج البلاغة قال عليهالسلام في وصف الملائكة : وصافون لا يتزايلون ومسبحون لا يسأمون.