: « وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ » آل عمران : ـ ١٣٩ وقد مر بعض الآيات الدالة عليه آنفا.
والحكم أعني النصر والغلبة حكم اجتماعي منوط على العنوان لا غير أي إن الرسل وهم عباد أرسلهم الله والمؤمنون وهم جند لله يعملون بأمره ويجاهدون في سبيله ما داموا على هذا النعت منصورون غالبون ، وأما إذا لم يبق من الإيمان إلا اسمه ومن الانتساب إلا حديثه فلا ينبغي أن يرجى نصر ولا غلبة.
قوله تعالى : « فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ » تفريع على حديث النصر والغلبة ففيه وعد للنبي صلىاللهعليهوآله بالنصر والغلبة وإيعاد للمشركين ولقريش خاصة.
والأمر بالإعراض عنهم ثم جعله مغيا بقوله : « حَتَّى حِينٍ » يلوح إلى أن الأمد غير بعيد وكان كذلك فهاجر النبي صلىاللهعليهوآله بعد قليل وأباد الله صناديد قريش في غزوة بدر وغيرها.
قوله تعالى : « وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ » الأمر بالإبصار والإخبار بإبصارهم عاجلا وعطف الكلام على الأمر بالتولي معجلا يفيد بحسب القياس أن المعنى أنظرهم وأبصر ما هم عليه من الجحود والعناد قبال إنذارك وتخويفك فسوف يبصرون وبال جحودهم واستكبارهم.
قوله تعالى : « أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ » توبيخ لهم لاستعجالهم وقولهم : متى هذا الوعد؟ متى هذا الفتح؟ وإيذان بأن هذا العذاب مما لا ينبغي أن يستعجل لأنه يعقب يوما بئيسا وصباحا مشئوما.
ونزول العذاب بساحتهم كناية عن نزوله بهم على نحو الشمول والإحاطة ، وقوله : « فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ » أي بئس صباحهم صباحا ، والمنذرون هم المشركون من قريش.
قوله تعالى : « وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ » تأكيد لما مر بتكرار الآيتين على ما قيل ، واحتمل بعضهم أن يكون المراد بما تقدم التهديد بعذاب الدنيا وبهذا ، التهديد بعذاب الآخرة. ولا يخلو من وجه فإن الواقع في الآية « وَأَبْصِرْ »