لأتباعهم أن امشوا واصبروا « إلخ » وهذا يؤيد ما ورد في أسباب النزول مما سيجيء في البحث الروائي الآتي إن شاء الله.
وقوله : « أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ » بتقدير القول أي قائلين أن امشوا واصبروا على آلهتكم ولا تتركوا عبادتها وإن عابها وقدح فيها ، وظاهر السياق أن القول قول بعضهم لبعض ، ويمكن أن يكون قولهم لتبعتهم.
وقوله : « إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ » ظاهره أنه إشارة إلى ما يدعو إليه النبي صلىاللهعليهوآله ويطلبه وأن مطلوبه شيء يراد بالطبع وهو السيادة والرئاسة وإنما جعل الدعوة ذريعة إليه فهو نظير قول الملإ من قوم نوح لعامتهم : « ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ » المؤمنون : ـ ٢٤.
وقيل : المعنى إن هذا الذي شاهدناه من إسراره صلىاللهعليهوآله على ما يطلبه وتصلبه في دينه لشيء عظيم يراد من قبله.
وقيل : المعنى إن هذا الأمر لشيء من نوائب الدهر يراد بنا فلا حيلة إلا أن تمشوا وتصبروا.
وقيل : المعنى إن الصبر خلق محمود يراد منا في مثل هذه الموارد ، وقيل غير ذلك وهي وجوه ضعيفة لا يلائمها السياق.
قوله تعالى : « ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ » أرادوا بالملة الآخرة المذهب الذي تداوله الآخرون من الأمم المعاصرين لهم أو المقارنين لعصرهم قبال الملل الأولى التي تداولها الأولون كأنهم يقولون : ليس هذا من الملة الآخرة التي يرتضيها أهل الدنيا اليوم بل من أساطير الأولين.
وقيل : المراد بالملة الآخرة النصرانية لأنها آخر الملل وهم لا يقولون بالتوحيد بل بالتثليث. وضعفه ظاهر إذ لم يكن للنصرانية وقع عندهم كالإسلام.
وقوله : « إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ » أي كذب وافتعال.
قوله تعالى : « أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا » استفهام إنكاري بداعي التكذيب أي لا مرجح عند محمد صلىاللهعليهوآله يترجح به علينا فينزل عليه الذكر دوننا فهو في إنكار