الاختصاص بنزول الذكر نظير قولهم : ما أنت إلا بشر مثلنا في نفي الاختصاص بالرسالة.
قوله تعالى : « بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ » إضراب عن جميع ما قالوه أي إنهم لم يقولوا عن إيمان واعتقاد به بل هم في شك من ذكري وهو القرآن.
وليس شكهم فيه من جهة خفاء دلالة آية النبوة وقصورها عن إفادة اليقين بل تعلق قلوبهم بما عندهم من الباطل ولزومهم التقليد يصرفهم عن النظر في دلالة الآية الإلهية المعجزة فشكوا في الذكر والحال أنه آية معجزة.
وقوله : « بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ » إضراب عن الإضراب أي ليس إنكارهم وعدم إيمانهم به عن شك منهم فيه بل لأنهم لعتوهم واستكبارهم لا يعترفون بحقيته ولو لم يكن شك ، حتى يذوقوا عذابي فيضطروا إلى الاعتراف كما فعل غيرهم.
وفي قوله : « لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ » أي لم يذوقوا بعد عذابي ، تهديد بعذاب واقع.
قوله تعالى : « أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ » الكلام في موقع الإضراب و « أَمْ » منقطعة والكلام ناظر إلى قولهم : « أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا » أي بل أعندهم خزائن رحمة ربك التي ينفق منها على من يشاء حتى يمنعوك منها بل هي له تعالى وهو أعلم حيث يجعل رسالته ويخص برحمته من يشاء.
وتذييل الكلام بقوله : « الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ » لتأييد محصل الجملة أي ليس عندهم شيء من خزائن رحمته لأنه عزيز منيع جانبه لا يداخل في أمره أحد ، ولا لهم أن يصرفوا رحمته عن أحد لأنه وهاب كثير الهبات.
قوله تعالى : « أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ » « أَمْ » منقطعة ، والأمر في قوله : « فَلْيَرْتَقُوا » للتعجيز والارتقاء الصعود ، والأسباب المعارج والمناهج التي يتوسل بها إلى الصعود إلى السماوات ويمكن أن يراد بارتقاء الأسباب التسبيب بالعلل والحيل الذي يحصل به لهم المنع والصرف.
والمعنى : بل لهم ملك السماوات والأرض فيكون لهم أن يتصرفوا فيها فيمنعوا