إلى مقام العمل دون الإدراك فلم يكن رذيلة بذاته بل كان فضيلة عند تحقق مكروه ينبغي التحرز منه فلا ضير في نسبته إلى داود عليهالسلام في قوله : « فَفَزِعَ مِنْهُمْ » وهو من الأنبياء الذين لا يخشون إلا الله.
وقوله : « قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ » لما رأوا ما عليه داود عليهالسلام من الفزع أرادوا تطييب نفسه وإسكان روعه فقالوا : « لا تَخَفْ » وهو نهي عن الفزع بالنهي عن سببه الذي هو الخوف « خَصْمانِ بَغى » إلخ أي نحن خصمان أي فريقان متخاصمان تجاوز بعضنا ظلما على بعض.
وقوله : « فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ » إلخ الشطط الجور أي فاحكم بيننا حكما مصاحبا للحق ولا تجر في حكمك ودلنا على وسط العدل من الطريق.
قوله تعالى : « إِنَّ هذا أَخِي » إلى آخر الآية بيان لخصومتهم وقوله : « إِنَّ هذا أَخِي » كلام لواحد من أحد الفريقين يشير إلى آخر من الفريق الآخر بأن هذا أخ له » إلخ.
وبهذا يظهر فساد ما استدل بعضهم بالآية على أن أقل الجمع اثنان لظهور قوله : « إِذْ تَسَوَّرُوا » « إِذْ دَخَلُوا » في كونهم جمعا ودلالة قوله : « خَصْمانِ » « هذا أَخِي » على الاثنينية.
وذلك لجواز أن يكون في كل واحد من جانبي التثنية أكثر من فرد واحد قال تعالى : « هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا » الخ : الحج : ـ ١٩ وجواز أن يكون أصل الخصومة بين فردين ثم يلحق بكل منهما غيره لإعانته في دعواه.
وقوله : « لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ » النعجة الأنثى من الضأن ، و « أَكْفِلْنِيها » أي اجعلها في كفالتي وتحت سلطتي و « عَزَّنِي فِي الْخِطابِ » أي غلبني فيه والباقي ظاهر.
قوله تعالى : « قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ ـ إلى قوله ـ وَقَلِيلٌ ما هُمْ » جواب داود عليهالسلام ، ولعله قضاء تقديري قبل استماع كلام المتخاصم الآخر فإن من الجائز أن يكون عنده من القول ما يكشف عن كونه محقا فيما يطلبه ويقترحه على