صاحبه لكن صاحب النعجة الواحدة ألقى كلامه بوجه هيج الرحمة والعطوفة منه عليهالسلام فبادر إلى هذا التصديق التقديري فقال : « لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ ».
فاللام للقسم ، والسؤال ـ على ما قيل ـ مضمن معنى الإضافة ولذا عدي إلى المفعول الثاني بإلى ، والمعنى أقسم لقد ظلمك بسؤال إضافة نعجتك إلى نعاجه.
وقوله : « وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ » من تمام كلام داود عليهالسلام يقرر به كلامه الأول والخلطاء الشركاء المخالطون.
قوله تعالى : « وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ » أي علم داود أنما فتناه بهذه الواقعة أي أنها إنما كانت فتنة فتناه بها والفتنة الامتحان ، وقيل : ظن بمعناه المعروف الذي هو خلاف اليقين وذكر استغفاره وتوبته مطلقين يؤيد ما قدمناه ولو كان الظن بمعناه المعروف كان الاستغفار والتوبة على تقدير كونها فتنة واقعا وإطلاق اللفظة يدفعه ، والخر على ما ذكره الراغب سقوط يسمع منه خرير والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو ، والركوع ـ على ما ذكره ـ مطلق الانحناء.
والإنابة إلى الله ـ على ما ذكره الراغب ـ الرجوع إليه بالتوبة وإخلاص العمل وهي من النوب بمعنى رجوع الشيء مرة بعد أخرى.
والمعنى : وعلم داود أن هذه الواقعة إنما كانت امتحانا امتحناه وأنه أخطأ فاستغفر ربه ـ مما وقع منه ـ وخر منحنيا وتاب إليه.
وأكثر المفسرين تبعا للروايات على أن هؤلاء الخصم الداخلين على داود عليهالسلام كانوا ملائكة أرسلهم الله سبحانه إليه ليمتحنه وستعرف حال الروايات.
لكن خصوصيات القصة كتسورهم المحراب ودخولهم عليه دخولا غير عادي بحيث أفزعوه ، وكذا تنبهه بأنه إنما كان فتنة من الله له لا واقعة عادية ، وقوله تعالى بعد : « فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى » الظاهر في أن الله ابتلاه بما ابتلى