لإسلامه وعنوان الفعل يصح أن يجعل غاية للأمر بالفعل وأن يجعل متعلقا للأمر فيؤمر به يقال : اضربه للتأديب ، ويقال : أدبه بالضرب.
قال في الكشاف : وفي معناه أوجه : أن أكون أول من أسلم في زماني ومن قومي لأنه أول من خالف دين آبائه وخلع الأصنام وحطمها ، وأن أكون أول الذين دعوتهم إلى الإسلام إسلاما ، وأن أكون أول من دعا نفسه إلى ما دعا غيره لأكون مقتدى بي في قولي وفعلي جميعا ولا تكون صفتي صفة الملوك الذين يأمرون بما لا يفعلون ، وأن أفعل ما استحق به الأولية من أعمال السابقين دلالة على السبب بالمسبب. انتهى.
وأنت خبير بأن الأنسب لسياق الآيات هو الوجه الثالث وهو الذي قدمناه ويلزمه سائر الوجوه.
قوله تعالى : « قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ » المراد بمعصية ربه بشهادة السياق مخالفة أمره بعبادته مخلصا له الدين ، وباليوم العظيم يوم القيامة والآية كالتوطئة لمضمون الآية التالية.
قوله تعالى : « قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ » تصريح بأنه ممتثل لأمر ربه مطيع له بعد التكنية عنه في الآية السابقة ، وإياس لهم أن يطمعوا فيه أن يخالف أمر ربه.
وتقديم المفعول في قوله : « قُلِ اللهَ أَعْبُدُ » يفيد الحصر ، وقوله : « مُخْلِصاً لَهُ دِينِي » يؤكد معنى الحصر ، وقوله : « فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ » أمر تهديدي بمعنى أنهم لا ينفعهم ذلك فإنهم مصيبهم وبال إعراضهم عن عبادة الله بالإخلاص كما يشير إليه ذيل الآية « قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ » إلخ.
قوله تعالى : « قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ » إلخ الخسر والخسران ذهاب رأس المال إما كلا أو بعضا والخسران أبلغ من الخسر ، وخسران النفس هو إيرادها مورد الهلكة والشقاء بحيث يبطل منها استعداد الكمال فيفوتها السعادة بحيث لا يطمع فيها وكذا خسارة الأهل.
وفي الآية تعريض للمشركين المخاطبين بقوله : « فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ » كأنه