يقول : فأيا ما عبدتم فإنكم تخسرون أنفسكم بإيرادها بالكفر مورد الهلكة وأهليكم وهم خاصتكم بحملهم على الكفر والشرك وهي الخسران بالحقيقة.
وقوله : « أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ » وذلك لأن الخسران المتعلق بالدنيا ـ وهو الخسران في مال أو جاه ـ سريع الزوال منقطع الآخر بخلاف خسران يوم القيامة الدائم الخالد فإنه لا زوال له ولا انقطاع.
على أن المال أو الجاه إذا زال بالخسران أمكن أن يخلفه آخر مثله أو خير منه بخلاف النفس إذا خسرت.
هذا على تقدير كون المراد بالأهل خاصة الإنسان في الدنيا ، وقيل : المراد بالأهل من أعده الله في الجنة للإنسان لو آمن واتقى من أزواج وخدم وغيرهم وهو أوجه وأنسب للمقام فإن النسب وكل رابطة من الروابط الدنيوية الاجتماعية مقطوعة يوم القيامة قال تعالى : « فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ » المؤمنون : ـ ١٠١ وقال : « يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً » الانفطار : ـ ١٩ إلى غير ذلك من الآيات.
ويؤيده أيضا قوله تعالى : « فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً » الانشقاق : ـ ٩.
قوله تعالى : « لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ » إلخ الظلل جمع ظلة وهي ـ كما قيل ـ الستر العالي.
والمراد بكونها من فوقهم ومن تحتهم إحاطتها بهم فإن المعهود من النار الجهتان والباقي ظاهر.
قوله تعالى : « وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى » قال الراغب : الطاغوت عبارة عن كل متعد وكل معبود من دون الله ، ويستعمل في الواحد والجمع. انتهى ، والظاهر أن المراد بها في الآية الأوثان وكل معبود طاغ من دون الله.
ولم يقتصر على مجرد اجتناب عبادة الطاغوت بل أضاف إليه قوله : « وَأَنابُوا إِلَى اللهِ » إشارة إلى أن مجرد النفي لا يجدي شيئا بل الذي ينفع الإنسان مجموع النفي