هو قوله : « عَذابَ رَبِّكَ » لأن عذاب الله إنما يقع على من دعاه فلم يجبه وكذب دعوته.
قوله تعالى : « الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ » الخوض هو الدخول في باطل القول قال الراغب : الخوض هو الشروع في الماء والمرور فيه ، ويستعار في الأمور وأكثر ما ورد في القرآن ورد فيما يذم الشروع فيه انتهى ، وتنوين التنكير في « خَوْضٍ » يدل على صفة محذوفة أي في خوض عجيب.
ولما كان الاشتغال بباطل القول لا يفيد نتيجة حقة إلا نتيجة خيالية يزينها الوهم للخائض سماه لعبا ـ واللعب من الأفعال ما ليس له إلا الأثر الخيالي ـ.
والمعنى : الذين هم مستمرون في خوض عجيب يلعبون بالمجادلة في آيات الله وإنكارها والاستهزاء بها.
قوله تعالى : « يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا » الدع هو الدفع الشديد ، والظاهر أن « يَوْمَ » بيان لقوله : « يَوْمَئِذٍ ».
قوله تعالى : « هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ » أي يقال لهم : هذه النار التي كنتم بها تكذبون ، والمراد بالتكذيب بالنار التكذيب بما أخبر به الأنبياء عليهمالسلام بوحي من الله من وجود هذه النار وأنه سيعذب بها المجرمون ومحصل المعنى هذه مصداق ما أخبر به الأنبياء فكذبتم به.
قوله تعالى : « أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ » تفريع على قوله : « هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ » والاستفهام للإنكار تفريعا لهم أي إذا كانت هذه هي تلك النار التي كنتم تكذبون بها فليس هذا سحرا كما كنتم ترمون إخبار الأنبياء بها أنه سحر وليس هذا أمرا موهوما خرافيا كما كنتم تتفوهون به بل أمر مبصر معاين لكم فالآية في معنى قوله تعالى : « وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ » الأحقاف : ٣٤.
وبما مر من المعنى يظهر أن « أَمْ » في قوله : « أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ » متصلة وقيل : منقطعة ولا يخلو من بعد.
قوله تعالى : « اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ » ، الصلي بالفتح فالسكون مقاساة حرارة النار فمعنى اصلوها قاسوا حرارة نار جهنم.