قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الميزان في تفسير القرآن [ ج ١٩ ]

11/407
*

وقوله : « فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا » تفريع على الأمر بالمقاساة ، والترديد بين الأمر والنهي كناية عن مساواة الفعل والترك ، ولذا أتبعه بقوله : « سَواءٌ عَلَيْكُمْ » أي هذه المقاساة لازمة لكم لا تفارقكم سواء صبرتم أو لم تصبروا فلا الصبر يرفع عنكم العذاب أو يخففه ولا الجزع وترك الصبر ينفع لكم شيئا.

وقوله : « سَواءٌ عَلَيْكُمْ » خبر مبتدإ محذوف أي هما سواء وإفراد « سَواءٌ » لكونه مصدرا في الأصل.

وقوله : « إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ » في مقام التعليل لما ذكر من ملازمة العذاب ومساواة الصبر والجزع.

والمعنى : إنما يلازمكم هذا الجزاء السيئ ولا يفارقكم لأنكم تجزون بأعمالكم التي كنتم تعملونها ولا تسلب نسبة العمل عن عامله فالعذاب يلازمكم أو إنما تجزون بتبعات ما كنتم تعملون وجزائه.

قوله تعالى : « إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ » الجنة البستان تجنيه الأشجار وتستره ، والنعيم النعمة الكثيرة أي إن المتصفين بتقوى الله يومئذ في جنات يسكنون فيها ونعمة كثيرة تحيط بهم.

قوله تعالى : « فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ » الفاكهة مطلق الثمرة ، وقيل : هي الثمرة غير العنب والرمان ، ويقال : تفكه وفكه إذا تعاطى الفكاهة ، وتفكه وفكه إذا تناول الفاكهة ، وقد فسرت الآية بكل من المعنيين فقيل : المعنى : يتحدثون بما آتاهم ربهم من النعيم ، وقيل : المعنى : يتناولون الفواكه والثمار التي آتاهم ربهم ، وقيل : المعنى : يتلذذون بإحسان ربهم ومرجعه إلى المعنى الأول ، وقيل : معناه فاكهين معجبين بما آتاهم ربهم ، ولعل مرجعه إلى المعنى الثاني.

وتكرار « رَبُّهُمْ » في قوله : « وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ » لإفادة مزيد العناية بهم.

قوله تعالى : « كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ » أي يقال لهم : كلوا واشربوا أكلا وشربا هنيئا أو طعاما وشرابا هنيئا ، فهنيئا وصف قائم مقام مفعول مطلق أو مفعول به.

وقوله : « بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ » متعلق بقوله : « كُلُوا وَاشْرَبُوا » أو بقوله : « هَنِيئاً ».