فالمراد بالسابقين ـ الأول ـ في الآية السابقون بالخيرات من الأعمال ، وإذا سبقوا بالخيرات سبقوا إلى المغفرة والرحمة التي بإزائها كما قال تعالى : « سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ » الحديد : ٢١ ، فالسابقون بالخيرات هم السابقون بالرحمة وهو قوله : « وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ».
وقيل : المراد بالسابقون الثاني هو الأول على حد قوله :
أنا أبو النجم وشعري شعري.
وقوله : « وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ » مبتدأ وخبر ، وقيل : الأول مبتدأ والثاني تأكيد ، والخبر قوله : « أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ».
ولهم في تفسير السابقين أقوال أخر فقيل : هم المسارعون إلى كل ما دعا الله إليه ، وقيل : هم الذين سبقوا إلى الإيمان والطاعة من غير توان ، وقيل : هم الأنبياء عليهمالسلام لأنهم مقدمو أهل الأديان ، وقيل : هم مؤمن آل فرعون وحبيب النجار المذكور في سورة يس وعلي عليهالسلام السابق إلى الإيمان بالنبي صلىاللهعليهوآله وهو أفضلهم وقيل : هم السابقون إلى الهجرة ، وقيل : هم السابقون إلى الصلوات الخمس ، وقيل : هم الذين صلوا إلى القبلتين ، وقيل : هم السابقون إلى الجهاد ، وقيل غير ذلك.
والقولان الأولان راجعان إلى ما تقدم من المعنى ، والثالث والرابع ينبغي أن يحملا على التمثيل ، والباقي كما ترى إلا أن يحمل على نحو من التمثيل.
( بحث روائي )
في الخصال ، عن الزهري قال : سمعت علي بن الحسين عليهالسلام يقول : من لم يتعز بعزاء الله ـ تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ، والله ما الدنيا والآخرة إلا ككفتي ميزان ـ فأيهما رجح ذهب بالآخر ثم تلا قوله عز وجل : « إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ » يعني القيامة « لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ » خفضت والله بأعداء الله في النار « رافِعَةٌ » رفعت والله أولياء الله إلى الجنة.
وفي تفسير القمي : « إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ » قال : القيامة هي حق ، وقوله : « خافِضَةٌ » قال : بأعداء الله « رافِعَةٌ » لأولياء الله « إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا »