كفر أرحامهم وأولادهم.
وقيل : المراد بالفصل فصل القضاء والمعنى : أن الله يقضي بينكم يوم القيامة.
وفيه ما في سابقه من عدم المناسبة للمورد فإن فصل القضاء إنما يناسب الاختلاف كما في قوله تعالى : « إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ » السجدة : ٢٠ ، ولا ارتباط في الآية بذلك.
وقوله : « وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ » متمم لقوله : « لَنْ تَنْفَعَكُمْ » كالمؤكد له والمعنى : لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة في رفع تبعة هذه الخيانة وأمثالها والله بما تعملون بصير لا يخفى عليه ما هي هذه الخيانة فيؤاخذكم عليها لا محالة.
قوله تعالى : « قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ » إلى آخر الآيتين ، والخطاب للمؤمنين ، والأسوة الاتباع والاقتداء ، وفي قوله : « وَالَّذِينَ مَعَهُ » بظاهره دلالة على أنه كان معه من آمن به غير زوجته ولوط.
وقوله : « إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ » أي إنا بريئون منكم ومن أصنامكم بيان لما فيه الأسطورة والاقتداء.
وقوله : « كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ » بيان لمعنى البراءة بأثرها وهو الكفر بهم وعداوتهم ما داموا مشركين حتى يوحدوا الله سبحانه.
والمراد بالكفر بهم الكفر بشركهم بدليل قوله : « حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ » ، والكفر بشركهم مخالفتهم فيه عملا كما أن العداوة بينونة ومخالفة قلبا.
فقد فسروا براءتهم منهم بأمور ثلاثة : مخالفتهم لشركهم عملا ، والعداوة والبغضاء بينهم قلبا ، واستمرار ذلك ما داموا على شركهم إلا أن يؤمنوا بالله وحده.
وقوله : « إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ » ، استثناء مما تدل عليه الجمل المتقدمة أن إبراهيم والذين معه تبرءوا من قومهم المشركين قولا مطلقا. وقطعوا أي رابطة تربطهم بالقوم وتصل بينهم إلا ما قال إبراهيم لأبيه : « لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ » إلخ.
ولم يكن قوله : « لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ » توليا منه بل وعدا وعده إياه رجاء أن يتوب عن الشرك ويؤمن بالله وحده كما يدل عليه قوله تعالى : « وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا