وفسرت الآية بوجوه أخرى بعيدة عن الفهم أغمضنا عنها.
وقوله : « وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ » أمر بالتقوى ، وتوصيفه تعالى بالموصول والصلة لتعليل الحكم فإن من مقتضى الإيمان بالله تقواه.
قوله تعالى : « يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ » إلخ ، تتضمن الآية حكم بيعة النساء المؤمنات للنبي صلىاللهعليهوآله ، وقد شرطت عليهن في « عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ » إلخ ، أمورا منها ما هو مشترك بين الصنفين : الرجال والنساء كالتحرز من الشرك ومن معصية الرسول في معروف ومنها ما هو أمس بهن من حيث إن تدبير المنزل بحسب الطبع إليهن وهن السبيل إلى حفظ عفة البيت والحصول على الأنسال وطهارة مواليدهم ، وهي التجنب من السرقة والزنا وقتل الأولاد وإلحاق غير أولاد أزواجهن بهم ، وإن كانت هذه الأمور بوجه من المشتركات.
فقوله : « يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ » شرط جوابه قوله : « فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ ».
وقوله : « عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً » أي من الأصنام والأوثان والأرباب ، وهذا شرط لا غنى عنه لإنسان في حال.
وقوله : « وَلا يَسْرِقْنَ » أي لا من أزواجهن ولا من غيرهم وخاصة من أزواجهن كما يفيده السياق ، وقوله : « وَلا يَزْنِينَ » أي باتخاذ الأخدان وغير ذلك وقوله : « وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ » بالوأد وغيره وإسقاط الأجنة.
وقوله : « وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ » وذلك بأن يحملن من الزنا ثم يضعنه وينسبنه إلى أزواجهن فإلحاقهن الولد كذلك بأزواجهن ونسبته إليهم كذبا بهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن لأن الولد إذا وضعته أمه سقط بين يديها ورجليها ، ولا يغني عن هذا الشرط شرط الاجتناب عن الزنا لأنهما متغايران وكل مستقل بالنهي والتحريم.
وقوله : « وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ » نسب المعصية إلى النبي صلىاللهعليهوآله دون الله مع أنها تنتهي إليه تعالى لأن المراد أن لا يتخلفن بالمعصية عن السنة التي يستنها النبي صلىاللهعليهوآله وينفذها في المجتمع الإسلامي فيكون ما سنه هو المعروف عند المسلمين وفي المجتمع الإسلامي.