وقوله : « وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ » رفع المانع من نكاح المؤمنات المهاجرات إذا أوتين أجورهن والأجر المهر.
وقوله : « وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ » العصم جمع عصمة وهي النكاح الدائم يعصم المرأة ويحصنها ، وإمساك العصمة إبقاء الرجل ـ بعد ما أسلم ـ زوجته الكافرة على زوجيتها فعليه بعد ما أسلم أن يخلي عن سبيل زوجته الكافرة سواء كانت مشركة أو كتابية.
وقد تقدم في تفسير قوله : « وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ » البقرة : ٢٢١ ، وقوله : « وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ » المائدة : ٥ ، أن لا نسخ بين الآيتين وبين الآية التي نحن فيها.
وقوله : « وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا » ضمير الجمع في « وَسْئَلُوا » للمؤمنين وفي « لْيَسْئَلُوا » للكفار أي إن لحقت امرأة منكم بالكفار فاسألوهم ما أنفقتم لها من مهر ولهم أن يسألوا مهر من لحقت بكم من نسائهم.
ثم تمم الآية بالإشارة إلى أن ما تضمنته الآية حكم الله الذي شرع لهم فقال : « ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ».
قوله تعالى : « وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا » إلخ ، قال الراغب : الفوت بعد الشيء عن الإنسان بحيث يتعذر إدراكه ، قال تعالى : « وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ ». انتهى. وفسر المعاقبة والعقاب بمعنى الوصول والانتهاء إلى عقبى الشيء ، والمراد عاقبتم من الكفار أي أصبتم منهم غنيمة وهي عقبى الغزو ، وقيل : عاقب بمعنى عقب ، وقيل : عاقب مأخوذ من العقبة بمعنى النوبة.
والأقرب أن يكون المراد بالشيء المهر و « مِنْ » في « مِنْ أَزْواجِكُمْ » لابتداء الغاية و « إِلَى الْكُفَّارِ » متعلق بقوله : « فاتَكُمْ » والمراد بالذين ذهبت أزواجهم ، بعض المؤمنين وإليهم يعود ضمير « أَنْفَقُوا ».
والمعنى : وإن ذهب وانفلت منكم إلى الكفار مهر من أزواجكم بلحوقهن بهم وعدم ردهم ما أنفقتم من المهر إليكم فأصبتم منهم بالغزو غنيمة فأعطوا المؤمنين الذين ذهبت أزواجهم إليهم مما أصبتم من الغنيمة مثل ما أنفقوا من المهر.