من أتاك منا وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد فنزلت الآية « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ من دار الكفر إلى دار الإسلام فَامْتَحِنُوهُنَ ».
قال ابن عباس : امتحانهن أن يستحلفن ما خرجت من بغض زوج ، ولا رغبة عن أرض إلى أرض ، ولا التماس دنيا، وما خرجت إلا حبا لله ولرسوله فاستحلفها رسول الله صلىاللهعليهوآله ما خرجت بغضا لزوجها ، ولا عشقا لرجل منا ، وما خرجت إلا رغبة في الإسلام فحلفت بالله الذي لا إله إلا هو على ذلك فأعطى رسول الله صلىاللهعليهوآله زوجها مهرها وما أنفق عليها ولم يردها عليه فتزوجها عمر بن الخطاب.
فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يرد من جاءه من الرجال ـ ويحبس من جاءه من النساء إذا امتحن ويعطي أزواجهن مهورهن.
قال : قال الزهري : ولما نزلت هذه الآية وفيها قوله : « وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ » طلق عمر بن الخطاب امرأتين كانتا له بمكة مشركتين : قريبة (١) بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما بمكة ، والأخرى أم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية أم عبد الله بن عمر فتزوجها أبو جهم بن حذاقة بن غانم رجل من قومها وهما على شركهما.
وكانت عند طلحة بن عبيد الله أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ففرق بينهما الإسلام حين نهى القرآن عن التمسك بعصم الكوافر ، وكان طلحة قد هاجر وهي بمكة عند قومها كافرة ثم تزوجها في الإسلام بعد طلحة خالد بن سعيد بن العاص بن أمية وكانت ممن فرت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله من نساء الكفار فحبسها وزوجها خالدا.
وأمية بنت بشر كانت عند الثابت بن الدحداحة ففرت منه ـ وهو يومئذ كافر ـ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فزوجها رسول الله صلىاللهعليهوآله سهل بن حنيف فولدت عبد الله بن سهل.
قال : قال الشعبي : وكانت زينب بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله امرأة أبي العاص بن الربيع فأسلمت ولحقت بالنبي صلىاللهعليهوآله في المدينة وأقام أبو العاص مشركا بمكة ثم أتى المدينة فأمنته زينب ثم أسلم فردها عليه رسول الله صلىاللهعليهوآله.
قال : وقال الجبائي : لم يدخل في شرط صلح الحديبية إلا رد الرجال دون النساء ولم
__________________
(١) قريبة خ.