به صلىاللهعليهوآله وذكره في التوراة والإنجيل فتلقوه بالقبول ولم يكذبوه ولا أظهروا فيه شيئا من الشك والترديد.
وأما خلو الأناجيل الدائرة اليوم عن بشارة عيسى بما فيها من الصراحة فالقرآن ـ وهو آية معجزة باقية ـ في غنى عن تصديقها ، وقد تقدم البحث عن سندها واعتبارها في الجزء الثالث من الكتاب.
وقوله : « فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ » ضمير « جاء » لأحمد صلىاللهعليهوآله ، وضمير « جاءَهُمْ » لبني إسرائيل أو لهم ولغيرهم ، والمراد بالبينات البشارة ومعجزة القرآن وسائر آيات النبوة.
والمعنى : فلما جاء أحمد المبشر به بني إسرائيل أو أتاهم وغيرهم بالآيات البينة التي منها بشارة عيسى عليهالسلام قالوا هذا سحر مبين ، وقرئ هذا ساحر مبين.
وقيل : ضمير « جاء » لعيسى عليهالسلام ، والسياق لا يلائمه.
قوله تعالى : « وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ » إلخ ، الاستفهام للإنكار وهو رد لقولهم : « هذا سِحْرٌ مُبِينٌ » فإن معناه أن النبي صلىاللهعليهوآله ليس برسول وأن ما بلغه من دين الله ليس منه تعالى.
والمراد بالإسلام الدين الذي يدعو إليه رسول الله بما أنه تسليم لله فيما يريده ويأمر به من اعتقاد وعمل ، ولا ريب أن مقتضى ربوبيته وألوهيته تعالى تسليم عباده له تسليما مطلقا فلا ريب أن الدين الذي هو الإسلام لله دينه الحق الذي يجب أن يدان به فدعوى أنه باطل ليس من الله افتراء على الله.
ومن هنا يظهر أن قوله : « وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ » يتضمن الحجة على كون قولهم : « هذا سِحْرٌ مُبِينٌ » افتراء على الله.
والافتراء ظلم لا يرتاب العقل في كونه ظلما وينهى عنه الشرع ويعظم الظلم بعظمة من وقع عليه فإذا كان هو الله سبحانه كان أعظم الظلم فلا أظلم ممن افترى على الله الكذب.
والمعنى : ولا أظلم ممن افترى على الله الكذب ـ بنفي نسبة دين الله إليه ـ والحال أنه يدعى إلى دين الإسلام الذي لا يتضمن إلا التسليم لله فيما أراد ولا ريب أنه من الله ، والله لا يهدي القوم الظالمين.