اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (١٤).
( بيان )
دعوة للمؤمنين إلى الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيل الله ووعد جميل بالمغفرة والجنة في الآخرة وبالنصر والفتح في الدنيا ، ودعوة لهم إلى أن يثبتوا على نصرهم لله ووعد جميل بالتأييد.
والمعنيان هما الغرض الأقصى في السورة والآيات السابقة كالتوطئة والتمهيد بالنسبة إليهما.
قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ » الاستفهام للعرض وهو في معنى الأمر.
والتجارة ـ على ما ذكره الراغب ـ التصرف في رأس المال طلبا للربح ، ولا يوجد في كلام العرب تاء بعده جيم إلا هذه اللفظة.
فقد أخذ الإيمان والجهاد في الآية تجارة رأس مالها النفس وربحها النجاة من عذاب أليم ، والآية في معنى قوله : « إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ـ إلى أن قال ـ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ » التوبة : ١١١.
وقد فخم تعالى أمر هذه التجارة حيث قال : « عَلى تِجارَةٍ » أي تجارة جليلة القدر عظيمة الشأن ، وجعل الربح الحاصل منها النجاة من عذاب أليم لا يقدر قدره.
ومصداق هذه النجاة الموعودة المغفرة والجنة ، ولذا بدل ثانيا النجاة من العذاب من قوله : « يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ » إلخ ، وأما النصر والفتح الموعودان فهما خارجان عن النجاة الموعودة ، ولذا فصلهما عن المغفرة والجنة فقال : « وَأُخْرى تُحِبُّونَها