إليه وانفضوا إليها وذلك أن كلا منهما سبب لانفضاض الناس إليه وتجمعهم عليه ، ولذا ردد بينهما وقال : « تِجارَةً أَوْ لَهْواً » ولم يقل : تجارة ولهوا والضمير يصلح للرجوع إلى كل منهما لأن اللهو في الأصل مصدر يجوز فيه الوجهان التذكير والتأنيث.
ولذا أيضا عد « ما عِنْدَ اللهِ » خيرا من كل منهما بحياله فقال : « مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ » ولم يقل : من اللهو والتجارة.
وقوله : « قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ » أمر للنبي أن ينبههم على خطئهم فيما فعلوا ـ وما أفظعه ـ والمراد بما عند الله الثواب الذي يستعقبه سماع الخطبة والموعظة.
والمعنى قل لهم : ما عند الله من الثواب خير من اللهو ومن التجارة لأن ثوابه تعالى خير حقيقي دائم غير منقطع ، وما في اللهو والتجارة من الخير أمر خيالي زائل باطل وربما استتبع سخطه تعالى كما في اللهو.
وقيل : خير مستعمل في الآية مجردا عن معنى التفضيل كما في قوله تعالى : « أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ » يوسف : ٣٩ ، وهو شائع في الاستعمال.
وفي الآية أعني قوله : « وَإِذا رَأَوْا » التفات من الخطاب إلى الغيبة ، والنكتة فيه تأكيد ما يفيده السياق من العتاب واستهجان الفعل بالإعراض عن تشريفهم بالخطاب وتركهم في مقام الغيبة لا يواجههم ربهم بوجهه الكريم.
ويلوح إلى هذا الإعراض قوله : « قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ » حيث لم يشر إلى من يقول له ، ولم يقل : قل لهم كما ذكرهم بضميرهم أولا من غير سبق مرجعه فقال : « وَإِذا رَأَوْا » واكتفى بدلالة السياق.
وخير الرازقين من أسمائه تعالى الحسنى كالرزاق وقد تقدم الكلام في معنى الرزق فيما تقدم.
بحث روائي
في الفقيه ، روي : أنه كان بالمدينة إذا أذن المؤذن يوم الجمعة نادى مناد : حرم البيع لقول الله عز وجل : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ».