بينهم من الفائدة ليحق الله الحق ويبطل الباطل فلتكن آية انشقاق القمر من الآيات النازلة التي من فائدتها نزول العذاب عليهم بعد خروج النبي صلىاللهعليهوآله من بينهم.
وأما قوله تعالى : « قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً » فليس مدلوله نفي تأييد النبي صلىاللهعليهوآله بالآيات المعجزة وإنكار نزولها من أصلها كيف؟ وهو ينفيها عن نفسه بما أنه بشر رسول ، ولو كان المراد ذلك لأفاد إنكار معجزات الأنبياء جميعا لكون كل منهم بشرا رسولا ، وصريح القرآن فيما حدث من قصص الأنبياء وأخبر عن آياتهم يناقض ذلك ، وأوضح من الجميع في مناقضة ذلك نفس الآية التي هي من القرآن المتحدي بالإعجاز.
بل مدلوله أن النبي صلىاللهعليهوآله بشر رسول غير قادر من حيث نفسه على شيء من الآيات التي يقترحون عليه ، وإنما الأمر إلى الله سبحانه إن شاء أنزلها وإن لم يشأ لم يفعل قال تعالى : « وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ » الأنعام : ١٠٩ ، وقال حاكيا عن قوم نوح : « قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللهُ إِنْ شاءَ » هود : ٣٣ ، وقال : « وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ » المؤمن : ٧٨ ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
ومن الاعتراض على آية الانشقاق ما قيل : إن القمر لو انشق كما يقال لرآه جميع الناس ولضبطه أهل الأرصاد في الشرق والغرب لكونه من أعجب الآيات السماوية ولم يعهد فيما بلغ إلينا من التاريخ والكتب الباحثة عن الأوضاح السماوية له نظير والدواعي متوفرة على استماعه ونقله.
وأجيب بما حاصله أن من الممكن أولا : أن يغفل عنه فلا دليل على كون كل حادث أرضي أو سماوي معلوما للناس محفوظا عندهم يرثه خلف عن سلف.
وثانيا : أن الحجاز وما حولها من البلاد العربية وغيرها لم يكن بها مرصد للأوضاع السماوية ، وإنما كان ما كان من المراصد بالهند والمغرب من الروم واليونان وغيرهما ولم يثبت وجود مرصد في هذا الوقت ـ وهو على ما في بعض الروايات أول الليلة الرابعة عشرة من ذي الحجة سنة خمس قبل الهجرة ـ.
على أن بلاد الغرب التي كانوا معتنين بهذا الشأن بينها وبين مكة من اختلاف الأفق ما