والشجاعة والشفقة على الضعفاء ، والإشارة بأولئكم إلى الأقوام المذكورة أنباؤهم : قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وآل فرعون ، والاستفهام للإنكار.
والمعنى : ليس الذين كفروا منكم خيرا من أولئكم الأمم المهلكين المعذبين حتى يشملهم العذاب دونكم.
ويمكن أن يكون خطاب « أَكُفَّارُكُمْ » لخصوص الكفار بعناية أنهم قوم النبي صلىاللهعليهوآله وفيهم كفار وهم هم.
وقوله : « أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ » ظاهره أيضا عموم الخطاب ، والزبر جمع زبور وهو الكتاب ، وقد ذكروا أن المراد بالزبر الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء ، والمعنى : بل ألكم براءة في الكتب السماوية التي نزلت من عند الله أنكم في أمن من العذاب والمؤاخذة وإن كفرتم وأجرمتم واقترفتم ما شئتم من الذنوب.
قوله تعالى : « أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ » الجميع المجموع والمراد به وحدة مجتمعهم من حيث الإرادة والعمل ، والانتصار الانتقام أو التناصر كما في خطابات يوم القيامة : « ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ » الصافات : ٢٥ ، والمعنى : بل أيقولون أي الكفار نحن قوم مجتمعون متحدون ننتقم ممن أرادنا بسوء أو ينصر بعضنا بعضا فلا ننهزم.
قوله تعالى : « سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ » اللام في « الْجَمْعُ » للعهد الذكري وفي « الدُّبُرَ » للجنس ، وتولي الدبر الإدبار ، والمعنى : سيهزم الجمع الذي يتبجحون به ويولون الأدبار ويفرون.
وفي الآية إخبار عن مغلوبية وانهزام لجمعهم ، ودلالة على أن هذه المغلوبية انهزام منهم في حرب سيقدمون عليها ، وقد وقع ذلك في غزاة بدر ، وهذا من ملاحم القرآن الكريم.
قوله تعالى : « بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ » « أَدْهى » اسم تفضيل من الدهاء وهو عظم البلية المنكرة التي ليس إلى التخلص منها سبيل ، و « أَمَرُّ » اسم تفضيل من المرارة ضد الحلاوة ، وفي الآية إضراب عن إيعادهم بالانهزام والعذاب الدنيوي إلى إيعادهم بما سيجري عليهم في الساعة وقد أشير إلى نبئها في أول الأنباء الزاجرة ، والكلام يفيد الترقي.
والمعنى : وليس الانهزام والعذاب الدنيوي مقام عقوبتهم بل الساعة التي أشرنا إلى نبئها هي موعدهم والساعة أدهى من كل داهية وأمر من كل مر.