وعلى تقدير أن يراد به مطلق التقدير الحق أو العدل هو استخراج حكم جزئي من حكم كلي ، والمعنى أن لازم ما وضعناه من التقدير الحق أو العدل بينكم هو أن تزنوا الأثقال بالقسط ولا تطغوا فيه.
وعلى أي حال الظاهر أن « إن » في قوله : « أَلَّا تَطْغَوْا » تفسيرية ، و « لا تطغوا » نهي عن الطغيان في الميزان و « أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ » أمر معطوف عليه ، والقسط العدل و « لا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ » نهي آخر مبين لقوله : « أَلَّا تَطْغَوْا إلخ ، ومؤكد له. والإخسار في الميزان التطفيف به بزيادة أو نقيصة بحيث يخسر البائع أو المشتري.
وأما جعل « الْمِيزانِ » ناصبة و « أَلَّا تَطْغَوْا » نفيا ، والتقدير : لئلا تطغوا ، فيحتاج إلى تكلف توجيه في عطف الإنشاء على الإخبار في قوله : « وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ » إلخ.
قوله تعالى : « وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ » الأنام الناس ، وقيل : الإنس والجن ، وقيل : كل ما يدب على الأرض ، وفي التعبير في الأرض بالوضع قبال التعبير في السماء بالرفع لطف ظاهر.
قوله تعالى : « فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ » المراد بالفاكهة الثمرة غير التمر ، والأكمام جمع كم بضم الكاف وكسرها وعاء التمر وهو الطلع ، وأما كم القميص فهو مضموم الكاف لا غير كما قيل.
قوله تعالى : « وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ » معطوف على قوله : « فاكِهَةٌ » أي وفيها الحب والريحان ، والحب ما يقتات به كالحنطة والشعير والأرز ، والعصف ما هو كالغلاف للحب وهو قشره ، وفسر بورق الزرع مطلقا وبورق الزرع اليابس ، والريحان النبات الطيب الرائحة.
قوله تعالى : « فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ » الآلاء جمع إلى بمعنى النعمة.
والخطاب في الآية لعامة الثقلين : الجن والإنس ويدل على ذلك توجيه الخطاب إليهما صريحا فيما سيأتي من قوله : « سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ » وقوله : « يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ » إلخ ، وقوله : « يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ » إلخ ، فلا يصغي إلى قول من قال : إن الخطاب في الآية للذكر والأنثى من بني آدم ، ولا إلى قول من قال : إنه من خطاب الواحد بخطاب الاثنين ويفيد تكرر الخطاب نحو يا شرطي اضربا عنقه أي اضرب عنقه اضرب عنقه.
وتوجيه الخطاب إلى عالمي الجن والإنس هو المصحح لعد ما سنذكره من شدائد يوم