الفعل الفلاني بإرادته واختياره فالفعل اختياري ممكن بالنسبة إلى الإنسان وهو بعينه متعلق الإرادة الإلهية ضروري التحقق بالنسبة إليها ولولاها لم يتحقق.
وقوله : « هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ » أي أهل لأن يتقى منه لأن له الولاية المطلقة على كل شيء ، وبيده سعادة الإنسان وشقاوته ، وأهل لأن يغفر لمن اتقاه لأنه غفور رحيم.
والجملة أعني قوله : « هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ » صالحة لتعليل ما تقدم من الدعوة في قوله : « إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ » وهو ظاهر ، ولتعليل قوله : « وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ » فإن كونه تعالى أهل التقوى وأهل المغفرة لا يتم إلا بكونه ذا إرادة نافذة فيهم سارية في أعمالهم فليسوا بمخلين وما يهوونه وهم معجزون لله بتمردهم واستكبارهم.
( بحث روائي )
في تفسير القمي ، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : « بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ ـ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً » وذلك أنهم قالوا : يا محمد ـ قد بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يذنب الذنب ـ فيصبح وذنبه مكتوب عند رأسه وكفارته.
فنزل جبرئيل على رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : يسألك قومك سنة بني إسرائيل في الذنوب ـ فإن شاءوا فعلنا ذلك بهم ـ وأخذناهم بما كنا نأخذ بني إسرائيل ـ فزعموا أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كره ذلك لقومه.
أقول : والقصة لا تلائم لحن الآية والرواية لا تخلو من إيماء إلى ضعف القصة.
وفي الدر المنثور ، أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن السدي عن أبي صالح قال : قالوا : إن كان محمد صادقا ـ فليصبح تحت رأس كل رجل منا صحيفة ـ فيها براءته وأمنته من النار ـ فنزلت : « بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ».
أقول : سياق الآيات وما فيها من الردع لا يلائم القصة.
وفيه ، أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد « بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً » قال : إلى فلان بن فلان من رب العالمين ـ يصبح عند رأس كل رجل صحيفة موضوعة يقرؤها.