( بيان )
تتمة صفة يوم القيامة باعتبار حال الناس فيه وانقسامهم إلى طائفة ناضرة الوجوه مبتهجين وأخرى باسرة الوجوه عابسين آيسين من النجاة ، والإشارة إلى أن هذا المساق تبتدئ من حين نزول الموت ثم الإشارة إلى أن الإنسان لا يترك سدى فالذي خلقه أولا قادر على أن يحييه ثانيا وبه تختتم السورة.
قوله تعالى : « لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ـ إلى قوله ـ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بيانهُ » الذي يعطيه سياق الآيات الأربع بما يحفها من الآيات المتقدمة والمتأخرة الواصفة ليوم القيامة أنها معترضة متضمن أدبا إلهيا كلف النبي صلىاللهعليهوآله أن يتأدب به حينما يتلقى ما يوحى إليه من القرآن الكريم فلا يبادر إلى قراءة ما لم يقرأ بعد ولا يحرك به لسانه وينصت حتى يتم الوحي.
فالآيات الأربع في معنى قوله تعالى : « وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ » طه : ١١٤.
فالكلام في هذه الآيات يجري مجرى قول المتكلم منا أثناء حديثه لمخاطبه إذا بادر إلى تتميم بعض كلام المتكلم باللفظة واللفظتين قبل أن يلفظ بها المتكلم وذلك يشغله عن التجرد للإنصات فيقطع المتكلم حديثه ويعترض ويقول لا تعجل بكلامي وأنصت لتفقه ما أقول لك ثم يمضي في حديثه.
فقوله : « لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ » الخطاب فيه للنبي صلىاللهعليهوآله ، والضميران للقرآن الذي يوحى إليه أو للوحي ، والمعنى لا تحرك بالوحي لسانك لتأخذه عاجلا فتسبقنا إلى قراءة ما لم نقرأ بعد فهو كما مر في معنى قوله : « وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ » طه : ١١٤.
وقوله : « إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ » القرآن هاهنا مصدر كالفرقان والرجحان ، والضميران للوحي ، والمعنى لا تعجل به إذ علينا أن نجمع ما نوحيه إليك بضم بعض أجزائه إلى بعض وقراءته عليك فلا يفوتنا شيء منه حتى يحتاج إلى أن تسبقنا إلى قراءة ما لم نوحه بعد.