وقيل : المعنى إن علينا أن نجمعه في صدرك بحيث لا يذهب عليك شيء من معانيه وأن نثبت قراءته في لسانك بحيث تقرأه متى شئت ولا يخلو من بعد.
وقوله : « فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ » أي فإذا أتممنا قراءته عليك وحيا فاتبع قراءتنا له واقرأ بعد تمامها.
وقيل : المراد باتباع قرآنه اتباعه ذهنا بالإنصات والتوجه التام إليه وهو معنى لا بأس به.
وقيل : المراد فاتبع في الأوامر والنواهي قرآنه ، وقيل : المراد اتباع قراءته بالتكرار حتى يرسخ في الذهن وهما معنيان بعيدان.
وقوله : « ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بيانهُ » أي علينا إيضاحه عليك بعد ما كان علينا جمعه وقرآنه فثم للتأخير الرتبي لأن البيان مترتب على الجمع والقراءة رتبة.
وقيل ، المعنى ثم إن علينا بيانه للناس بلسانك نحفظه في ذهنك عن التغير والزوال حتى تقرأه على الناس.
وقال بعضهم في معنى هذه الآيات إن النبي صلىاللهعليهوآله كان يحرك لسانه عند الوحي بما ألقي إليه من القرآن مخافة أن ينساه فنهي عن ذلك بالآيات وأمر بالإنصات حتى يتم الوحي فضمير « لا تُحَرِّكْ بِهِ » للقرآن أو الوحي باعتبار ما قرأ عليه منه لا باعتبار ما لم يقرأ بعد.
وفيه أنه لا يلائم سياق الآيات ، تلك الملاءمة نظرا إلى ما فيها من النهي عن العجل والأمر باتباع قرآنه تعالى بعد ما قرأ ، وكذا قوله ، « إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ » فذلك كله أظهر فيما تقدم منها في هذا المعنى.
وعن بعضهم في معنى هذه الآيات ، الذي اختاره أنه لم يرد القرآن ، وإنما أراد قراءة العباد لكتبهم يوم القيامة يدل على ذلك ما قبله وما بعده ، وليس فيه شيء يدل على أنه القرآن ولا شيء من أحكام الدنيا.
وفي ذلك تقريع وتوبيخ له حين لا تنفعه العجلة يقول : لا تحرك لسانك بما تقرأه من صحيفتك التي فيها أعمالك يعني اقرأ كتابك ولا تعجل فإن هذا الذي هو على نفسه بصيرة إذا رأى سيئاته ضجر واستعجل فيقال له توبيخا : لا تعجل وتثبت لتعلم الحجة عليك