فإنا نجمعها لك فإذا جمعناه فاتبع ما جمع عليك بالانقياد لحكمه والاستسلام للتبعة فيه فإنه لا يمكنك إنكاره ثم إن علينا بيانه لو أنكرت. انتهى.
ويدفعه أن المعترضة لا تحتاج في تمام معناها إلى دلالة مما قبلها وما بعدها عليه على أن مشاكلة قوله : « وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ » في سياقه لهذه الآيات تؤيد مشاكلتها له في المعنى.
وعن بعضهم أن الآيات الأربع متصلة بما تقدم من حديث يوم القيامة ، وخطاب « لا تُحَرِّكْ » للنبي صلىاللهعليهوآله ، وضمير « بِهِ » ليوم القيامة ، والمعنى لا تتفوه بالسؤال عن وقت القيامة أصلا ولو كنت غير مكذب ولا مستهزئ « لِتَعْجَلَ بِهِ » أي بالعلم به « إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ » أي من الواجب في الحكمة أن نجمع من نجمعه فيه ونوحي شرح وصفه إليك في القرآن « فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ » أي إذا قرأنا ما يتعلق به فاتبع ذلك بالعمل بما يقتضيه من الاستعداد له « ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بيانهُ » أي إظهار ذلك بالنفخ في الصور انتهى ملخصا وهو كما ترى.
وقد تقدم في تفسير قوله : « وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ » إن هذا النهي عن العجل بالقرآن يؤيد ما ورد في الروايات أن للقرآن نزولا على النبي صلىاللهعليهوآله دفعة غير نزوله تدريجا.
قوله تعالى : « كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ » خطاب للناس وليس من تعميم الخطاب السابق في شيء لأن خطاب « لا تُحَرِّكْ » اعتراضي غير مرتبط بشيء من طرفيه. وقوله : « كَلَّا » ردع عن قوله السابق : « يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ » وقوله : « بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ » ـ أي الحياة العاجلة وهي الحياة الدنيا ـ « وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ » أي تتركون الحياة الآخرة ، وما في الكلام من الإضراب إضراب عن حسبان عدم الإحياء بعد الموت نظير الإضراب في قوله : « بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ ».
قوله تعالى : « وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ » وصف ليوم القيامة بانقسام الوجوه فيه إلى قسمين : ناضرة وباسرة ، ونضرة الوجه واللون والشجر ونحوها ونضارتها حسنها وبهجتها.
والمعنى : نظرا إلى ما يقابله من قوله : « وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ » إلخ وجوه يوم إذ تقوم القيامة حسنة متهللة ظاهرة المسرة والبشاشة قال تعالى : « تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ