كتاب جليل القدر فالآية في معنى قوله تعالى : « وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ » يس : ١٣.
أو المراد وكل شيء حفظناه حال كونه مكتوبا أي في اللوح المحفوظ أو في صحائف الأعمال ، وجوز أن يكون الإحصاء بمعنى الكتابة أو الكتاب بمعنى الإحصاء فإن الإحصاء والكتابة يتشاركان في معنى الضبط والمعنى كل شيء أحصيناه إحصاء أو كل شيء كتبناه كتابا.
والآية على أي حال متمم للتعليل السابق ، والمعنى الجزاء موافق لأعمالهم لأنهم كانوا على حال كذا وكذا وقد حفظناها عليهم فجزيناهم بها جزاء وفاقا.
قوله تعالى : « فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً » تفريع على ما تقدم من تفصيل عذابهم مسوق لإيئاسهم من أن يرجو نجاة من الشقوة وراحة ينالونها.
والالتفات إلى خطابهم بقوله : « فَذُوقُوا » تقدير لحضورهم ليخاطبوا بالتوبيخ والتقريع بلا واسطة.
والمراد بقوله : « فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً » أن ما تذوقونه بعد عذاب ذقتموه عذاب آخر فهو عذاب بعد عذاب وعذاب على عذاب فلا تزالون يضاف عذاب جديد إلى عذابكم القديم فاقنطوا من أن تنالوا شيئا مما تطلبون وتحبون.
والآية لا تخلو من ظهور في كون المراد بقوله : « لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً » الخلود دون الانقطاع.
قوله تعالى : « إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً ـ إلى قوله ـ كِذَّاباً » الفوز الظفر بالخير مع حصول السلامة ـ على ما قاله الراغب ـ ففيه معنى النجاة والتخلص من الشر والحصول على الخير ، والمفاز مصدر ميمي أو اسم مكان من الفوز والآية تحتمل الوجهين جميعا.
وقوله : « حَدائِقَ وَأَعْناباً » الحدائق جمع حديقة وهي البستان المحوط ، والأعناب جمع عنب وهو ثمر شجرة الكرم وربما يطلق على نفس الشجرة.
وقوله : « وَكَواعِبَ » جمع كاعب وهي الفتاة التي تكعب ثدياها واستدار مع ارتفاع يسير ، والترائب جمع ترب وهي المماثلة لغيرها من اللذات.
وقوله : « وَكَأْساً دِهاقاً » أي ممتلئة شرابا مصدر بمعنى اسم الفاعل.