قوله تعالى : « وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ ـ إلى قوله ـ هُمُ العادُونَ » تقدم تفسير الآيات الثلاث في أول سورة المؤمنون.
قوله تعالى : « وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ » المتبادر من الأمانات أنواع الأمانة التي يؤتمنون عليها من المال وسائر ما يوصى به من نفس أو عرض ورعايتهم لها أن يحفظوها ولا يخونوها قيل : ولكثرة أنواعها جيء بلفظ الجمع بخلاف العهد.
وقيل : المراد بها جميع ما كلفهم الله من اعتقاد وعمل فتعم حقوق الله وحقوق الناس فلو ضيعوا شيئا منها فقد خانوه.
وقيل : كل نعمة أعطاها الله عبده من الأعضاء وغيرها أمانة فمن استعمل شيئا منها في غير ما أعطاه الله لأجله وأذن له في استعماله فقد خانه.
وظاهر العهد عقد الإنسان مع غيره قولا أو فعلا على أمر ورعايته أن يحفظه ولا ينقضه من غير مجوز.
وقيل : العهد كل ما التزم به الإنسان لغيره فإيمان العبد لربه عهد منه عاهد به ربه أن يطيعه في كل ما كلفه به فلو عصاه في شيء مما أمره به أو نهاه عنه فقد نقض عهده.
قوله تعالى : « وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ » الشهادة معروفة ، والقيام بالشهادة عدم الاستنكاف عن تحملها وأداء ما تحمل منها كما تحمل من غير كتمان ولا تغيير ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
قوله تعالى : « وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ » المراد بالمحافظة على الصلاة رعاية صفات كمالها على ما ندب إليه الشرع.
قيل : والمحافظة على الصلاة غير الدوام عليها فإن الدوام متعلق بنفس الصلاة والمحافظة بكيفيتها فلا تكرار في ذكر المحافظة عليها بعد ذكر الدوام عليها.
قوله تعالى : « أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ » الإشارة إلى المصلين في قوله : « إِلَّا الْمُصَلِّينَ » وتنكير جنات للتفخيم ، و « فِي جَنَّاتٍ » خبر و « مُكْرَمُونَ » خبر بعد خبر أو ظرف لقوله : « مُكْرَمُونَ ».