من أمرهم حيث يجتمعون على النبي صلىاللهعليهوآله : مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين مقبلين عليه بأبصارهم لا يفارقونه فخاطبه صلىاللهعليهوآله : ما بالهم يحيطون بك مهطعين عليك يلازمونك؟ هل يريد كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم وهو كافر وقد قدر الله سبحانه أن لا يكرم بجنته إلا من استثناه من المؤمنين فهل يريدون أن يسبقوا الله ويعجزوه بنقض ما حكم به وإبطال ما قدره كلا إن الله الذي خلقهم من نطفة مهينة قادر أن يبدلهم خيرا منهم ويخلق مما خلقهم منه ، غيرهم ممن يعبده ويدخل جنته.
ثم أمر النبي صلىاللهعليهوآله أن يقطع خصامهم ويذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون.
قوله تعالى : « فَما لِالَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ » قال في المجمع : قال الزجاج : المهطع المقبل ببصره على الشيء لا يزايله وذلك من نظر العدو ، وقال أبو عبيدة الإهطاع الإسراع ، وعزين جماعات في تفرقة ، واحدتهم عزة. انتهى ، وقبل الشيء بالكسر فالفتح الجهة التي تليه والفاء في « فما » فصيحة.
والمعنى : إذا كان الإنسان بكفره واستكباره على الحق مصيره إلى النار إلا من استثني من المؤمنين فما للذين كفروا عندك مقبلين عليك لا يرفعون عنك أبصارهم وهم جماعات متفرقة عن يمينك وشمالك أيطمعون أن يدخلوا الجنة فيعجزوا الله ويسبقوه فيما قضى به أن لا يدخل الجنة إلا الصلحاء من المؤمنين.
قوله تعالى : « أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ » ، الاستفهام للإنكار أي ـ ما هو الذي يحملهم على أن يحتفوا بك ويهطعوا عليك؟ ـ هل يحملهم على ذلك طمع كل منهم أن يدخل جنة نعيم وهو كافر فلا مطمع للكافر في دخول الجنة.
ونسب الطمع إلى كل امرئ منهم ولم ينسب إلى جماعتهم بأن يقال : أيطمعون أن يدخلوا « إلخ » كما نسب الإهطاع إلى جماعتهم فقيل : مهطعين لأن النافع من الطمع في السعادة والفلاح هو الطمع القائم بنفس الفرد الباعث له إلى الإيمان والعمل الصالح دون القائم بالجماعة بما أنها جماعة فطمع المجموع من حيث إنه مجموع لا يكفي في سعادة كل واحد واحد.
وفي قوله : « أَنْ يُدْخَلَ » مجهولا من باب الإفعال إشارة إلى أن دخولهم في الجنة ليس منوطا باختيارهم ومشيتهم بل لو كان فإنما هو إلى الله سبحانه فهو الذي يدخلهم الجنة