فيه من الإمعان والإصرار كاللعب الذي لا نفع فيه وراء الخيال فليتركوا حتى يلاقوا اليوم الذي يوعدون وهو يوم القيامة.
وفي إضافة اليوم إليهم إشارة إلى نوع اختصاص له بهم وهو الاختصاص بعذابهم.
قوله تعالى : « يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ » بيان ليومهم الذي يوعدون وهو يوم القيامة.
والأجداث جمع جدث وهو القبر ، وسراعا جمع سريع ، والنصب ما ينصب علامة في الطريق يقصده السائرون للاهتداء به ، وقيل : هو الصنم المنصوب للعبادة وهو بعيد من كلامه تعالى ، والإيفاض الإسراع والمعنى ظاهر.
قوله تعالى : « خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ » الخشوع تأثر خاص في القلب عن مشاهدة العظمة والكبرياء ، ويناظره الخضوع في الجوارح ، ونسبة الخشوع إلى الأبصار لظهور آثاره فيها ، والرهق غشيان الشيء بقهر.
وقوله : « ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ » الإشارة إلى ما مر من أوصافه من الخروج من الأجداث سراعا وخشوع الأبصار ورهق الذلة.
( بحث روائي )
في الدر المنثور ، أخرج عبد بن حميد عن عبادة بن أنس قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله المسجد فقال : ما لي أراكم عزين حلقا حلق الجاهلية قعد رجل خلف أخيه.
أقول : ورواه عن ابن مردويه عن أبي هريرة ولفظه خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله وأصحابه جلوس حلقا حلقا فقال : ما لي أراكم عزين ، وروي هذا المعنى أيضا عن جابر بن سمرة.
وفي تفسير القمي : وقوله : « كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ » قال : من نطفة ثم علقة ، وقوله : « فَلا أُقْسِمُ » أي أقسم « بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ » قال : مشارق الشتاء ومشارق الصيف ـ ومغارب الشتاء ومغارب الصيف.
وفي المعاني ، بإسناده إلى عبد الله بن أبي حماد رفعه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام قال : لها ثلاثمائة وستون مشرقا وثلاثمائة وستون مغربا فيومها الذي تشرق فيه لا تعود فيه إلا من قابل.
وفي تفسير القمي : وقوله : « يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً » قال : من القبر « كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ » قال : إلى الداعي ينادون ، وقوله : « تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ » قال : تصيبهم ذلة.