قوله تعالى : « وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً » حال من فاعل « لا تَرْجُونَ » والأطوار جمع طور وهو حد الشيء وحاله التي هو عليها.
ومحصل المعنى ـ لا ترجون لله وقارا في ربوبية ـ والحال أنه أنشأكم طورا بعد طور يستعقب طورا آخر فأنشأ الواحد منكم ترابا ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم جنينا ثم طفلا ثم شابا ثم شيخا وأنشأ جمعكم مختلفة الأفراد في الذكورة والأنوثة والألوان والهيئات والقوة والضعف إلى غير ذلك ، وهل هذا إلا التدبير فهو مدبر أمركم فهو ربكم.
قوله تعالى : « أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً » مطابقة السماوات السبع بعضها لبعض كون بعضها فوق بعض أو تطابقهن وتماثلهن على الاحتمالين المتقدمين في تفسير أوائل سورة الملك.
والمراد بالرؤية العلم ، وتوصيف السماوات السبع ـ والكلام مسوق سوق الحجة ـ يدل على أنهم كانوا يرون كونها سبعا ويسلمون ذلك فاحتج عليهم بالمسلم عندهم.
وكيف كان فوقوع حديث السماوات السبع في كلام نوح دليل على كونه مأثورا من الأنبياء ( عليهالسلام ) من أقدم العهود.
قوله تعالى : « وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً » الآيات ـ كما يشهد به سياقها ـ مسوقة لبيان وقوع التدبير الإلهي على الإنسان بما يفيض عليه من النعم حتى تثبت ربوبيته فتجب عبادته.
وعلى هذا فكون الشمس سراجا هو كونها مضيئة لعالمنا ولولاها لانغمرنا في ظلمة ظلماء ، وكون القمر نورا هو كونه منورا لأرضنا بنور مكتسب من الشمس فليس منورا بنفسه حتى يعد سراجا.
وأما أخذ السماوات ظرفا للقمر في قوله : « وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً » فالمراد به كما قيل كونه في حيزهن وإن كان في واحدة منها كما تقول : إن في هذه الدور لبئرا وإن كانت في واحدة منها لأن ما كان في إحداهن كان فيهن وكما تقول : أتيت بني تميم وإنما أتيت بعضهم.
قوله تعالى : « وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً » أي أنبتكم إنبات النبات وذلك أن