بقاع الأرض خلافا لما هو المعروف عن اليهود والنصارى من عدم جواز عبادته تعالى في غير البيع والكنائس ، وأما تسمية بقاعها مساجد حتى يحمل عليها عند الإطلاق فلا.
وقيل : المراد به الصلوات فلا يصلى إلا لله ، وهو تهكم لا دليل عليه.
وعن الإمام الجواد عليهالسلام : أن المراد بالمساجد الأعضاء السبعة ـ التي يسجد عليها في الصلاة ـ وهي الجبهة والكفان والركبتان وأصابع الرجلين ، وستوافيك روايته في البحث الروائي التالي إن شاء الله ، ونقل ذلك أيضا عن سعيد بن جبير والفراء والزجاج.
والأنسب على هذا أن يكون المراد بكون مواضع السجود من الإنسان لله اختصاصها به اختصاصا تشريعيا ، والمراد بالدعاء السجدة لكونها أظهر مصاديق العبادة أو الصلاة بما أنها تتضمن السجود لله سبحانه.
والمعنى : وأوحي إلي أن أعضاء السجود يختص بالله تعالى فاسجدوا له بها ـ أو اعبدوه بها ـ ولا تسجدوا ـ أو لا تعبدوا ـ أحدا غيره.
قوله تعالى « وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً » اللبد بالكسر فالفتح جمع لبدة بالضم فالسكون المجتمعة المتراكمة ، والمراد بعبد الله النبي صلىاللهعليهوآله كما تدل عليه الآية التالية ، والتعبير بعبد الله كالتمهيد لقوله في الآية التالية : « قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي ». والأنسب لسياق الآيات التالية أن يكون مرجع ضميري الجمع في قوله : « كادُوا يَكُونُونَ » المشركين وقد كانوا يزدحمون عليه صلىاللهعليهوآله إذا صلى وقرأ القرآن يستهزءون ويرفعون أصواتهم فوق صوته على ما نقل.
والمعنى : وأنه لما قام النبي صلىاللهعليهوآله يعبد الله بالصلاة كاد المشركون يكونون بازدحامهم لبدا مجتمعين متراكمين.
وقيل : الضميران للجن وأنهم اجتمعوا عليه وتراكموا ينظرون إليه متعجبين مما يشاهدون من عبادته وقراءته قرآنا لم يسمعوا كلاما يماثله.
وقيل : الضميران للمؤمنين بالنبي صلىاللهعليهوآله المجتمعين عليه اقتداء به في صلاته إذا صلى وإنصاتا لما يتلوه من كلام الله.
والوجهان لا يلائمان سياق الآيات التالية تلك الملاءمة كما تقدمت الإشارة إليه.
قوله تعالى : « قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً » أمر منه تعالى للنبي صلىاللهعليهوآله