« سَأُصْلِيهِ سَقَرَ » بيان أو بدل من قوله : « سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً ».
وقوله : « وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ » تفخيم لأمرها وتهويل.
وقوله : « لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ » قضية إطلاق النفي أن يكون المراد أنها لا تبقي شيئا ممن نالته إلا أحرقته ، ولا تدع أحدا ممن ألقي فيها إلا نالته بخلاف نار الدنيا التي ربما تركت بعض ما ألقي فيها ولم تحرقه ، وإذا نالت إنسانا مثلا نالت جسمه وصفاته الجسمية ولم تنل شيئا من روحه وصفاته الروحية ، وأما سقر فلا تدع أحدا ممن ألقي فيها إلا نالته قال تعالى : « تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى » المعارج ١٧ ، وإذا نالته لم تبق منه شيئا من روح أو جسم إلا أحرقته قال تعالى : « نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ » الهمزة ٧.
ويمكن أن يراد أنها لا تبقيهم أحياء ولا تتركهم يموتون فيكون في معنى قوله تعالى : « الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى » الأعلى : ١٣.
وقيل : المعنى لا تبقي شيئا يلقى فيها إلا أهلكته ، وإذا هلك لم تذره هالكا حتى يعاد فيعذب ثانيا.
وقيل : المراد أنها لا تبقي لهم لحما ولا تذر عظما ، وقيل غير ذلك.
قوله تعالى : « لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ » اللواحة من التلويح بمعنى تغيير اللون إلى السواد وقيل : إلى الحمرة ، والبشر جمع بشرة بمعنى ظاهر الجلد.
قوله تعالى : « عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ » يتولون أمر عذاب المجرمين وقد أبهم ولم يصرح أنهم من الملائكة أو غيرهم غير أن المستفاد من آيات القيامة ـ وتصرح به الآية التالية ـ أنهم من الملائكة.
وقد استظهر بعضهم أن مميز قوله : « تِسْعَةَ عَشَرَ » ملكا ثم قال : ألا ترى العرب وهم الفصحاء كيف فهموا منه ذلك فقد روي عن ابن عباس : أنها لما نزلت « عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ » قال أبو جهل لقريش : ثكلتكم أمهاتكم ـ أسمع ابن أبي كبشة يخبركم ـ أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم ـ أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل منهم؟ فقال أبو الأسد بن أسيد بن كلدة الجمحي ـ وكان شديد البطش : أنا أكفيكم سبعة عشر فاكفوني أنتم اثنين انتهى ، وأنت ترى أن لا دليل في كلامه على ما يدعيه. على أنه سمي الواحد من الخزنة رجلا ولا يطلق الرجل على الملك البتة ولا سيما عند المشركين الذين قال تعالى فيهم :