إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الميزان في تفسير القرآن [ ج ٢٠ ]

89/399
*

« وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً » الزخرف : ١٩.

قوله تعالى : « وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً » إلى آخر الآية. سياق الآية يشهد على أنهم تكلموا فيما ذكر في الآية من عدد خزان النار فنزلت هذه الآية ، ويتأيد بذلك ما ورد من سبب النزول وسيوافيك في البحث الروائي التالي.

فقوله : « وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً » المراد بأصحاب النار خزنتها الموكلون عليها المتولون لتعذيب المجرمين فيها كما يفيده قوله : « عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ » ويشهد بذلك قوله بعد : « وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً » إلخ.

ومحصل المعنى : أنا جعلناهم ملائكة يقدرون على ما أمروا به كما قال : « عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ » التحريم ٦ ، فليسوا من البشر حتى يرجوا المجرمون أن يقاوموهم ويطيقوهم.

وقوله : « وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا » الفتنة المحنة والاختبار. ذكروا أن المراد بالجعل الجعل بحسب الإخبار دون الجعل بحسب التكوين فالمعنى وما أخبرنا عن عدتهم أنها تسعة عشر إلا ليكون فتنة للذين كفروا ، ويؤيده ذيل الكلام : « لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ » إلخ.

وقوله : « لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ » الاستيقان وجدان اليقين في النفس أي ليوقن أهل الكتاب بأن القرآن النازل عليك حق حيث يجدون ما أخبرنا به من عدة أصحاب النار موافقا لما ذكر فيما عندهم من الكتاب.

وقوله : « وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً » أي بسبب ما يجدون من تصديق أهل الكتاب ذلك.

وقوله : « وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً » اللام في « لِيَقُولَ » للعاقبة بخلاف اللام في « لِيَسْتَيْقِنَ » فللتعليل بالغاية ، والفرق أن قولهم : « ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً » تحقير وتهكم وهو كفر لا يعد غاية لفعله سبحانه إلا بالعرض بخلاف الاستيقان الذي هو من الإيمان ، ولعل اختلاف المعنيين هو الموجب لإعادة اللام في قوله : « وَلِيَقُولَ ».

وقد فسروا « الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ » بالشك والجحود بالمنافقين وفسروا الكافرين