على أن هناك شافعين يشفعون فيشفعون لكن لا تنفع هؤلاء شفاعتهم لأنهم محرومون من نيلها.
وقد أوردنا جملة من أخبار الشفاعة في الجزء الأول من الكتاب.
* * *
( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلاَّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣) كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦) ).
( بيان )
في معنى الاستنتاج مما تقدم من الوعيد والوعد أورد في صورة التعجب من إعراضهم عن تذكرة القرآن وتنفرهم عن الحق الصريح كأنه قيل : فإذا كان كذلك فعليهم أن يجيبوا دعوة الحق ويتذكروا بالتذكرة فمن العجب أنهم معرضون عن ذلك كلا بل لا يؤمنون بالرسالة ويريد كل امرئ منهم أن ينزل عليه كتاب من الله. كلا بل لا يخافون الآخرة فلا يرتدعون عن وعيد.
ثم يعرض عليهم التذكرة عرضا فهم على خيرة من القبول والرد فإن شاءوا قبلوا وإن شاءوا ردوا ، لكن عليهم أن يعلموا أنهم غير مستقلين في مشيتهم وليسوا بمعجزين لله سبحانه فليس لهم أن يذكروا إلا أن يشاء الله ، وحكم القدر جار فيهم البتة.
قوله تعالى : « فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ » تفريع على ما تقدم من التذكرة والموعظة ، والاستفهام للتعجيب ، و « لَهُمْ » متعلق بمحذوف والتقدير فما كان لهم : و « مُعْرِضِينَ » حال من ضمير « لَهُمْ » و « عَنِ التَّذْكِرَةِ » متعلق بمعرضين.