والمعنى : فإذا كان كذلك فأي شيء كان ـ عرض ـ للمشركين الذين يكذبون بتذكرة القرآن حال كونهم معرضين عنها أي كان من الواجب عليهم أن يصدقوا ويؤمنوا لكنهم أعرضوا عنها وهو من العجب.
قوله تعالى : « كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ » تشبيه لهم من حيث حالهم في الإعراض عن التذكرة ، والحمر جمع حمار ، والمراد الحمر الوحشية والاستنفار بمعنى النفرة والقسورة الأسد والصائد ، وقد فسر بكل من المعنيين.
والمعنى : معرضين عن التذكرة كأنهم حمر وحشية نفرت من أسد أو من الصائد.
قوله تعالى : « بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً » المراد بالصحف المنشرة الكتاب السماوي المشتمل على الدعوة الحقة.
وفي الكلام إضراب عما ذكر من إعراضهم ، والمعنى ليس إعراضهم عن التذكرة لمجرد النفرة بل يريد كل امرئ منهم أن ينزل عليه كتاب من عند الله مشتمل على ما تشتمل عليه دعوة القرآن.
وهذه النسبة إليهم كناية عن استكبارهم على الله سبحانه أنهم إنما يقبلون دعوته ولا يردونها لو دعا كل واحد منهم بإنزال كتاب سماوي إليه مستقلا وأما الدعوة من طريق الرسالة فليسوا يستجيبونها وإن كانت حقة مؤيدة بالآيات البينة.
فالآية في معنى ما حكاه الله سبحانه من قولهم : « لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ » الأنعام ١٢٤ ، وفي معنى قول الأمم لرسلهم : « إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا » على ما قررنا من حجتهم على نفي رسالة الرسل.
وقيل : إن الآية في معنى قولهم للنبي صلىاللهعليهوآله الذي حكاه الله في قوله : « وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ » إسراء ٩٣.
ويدفعه أن مدلول الآية أن ينزل على كل واحد منهم صحف منشرة غير ما ينزل على غيره لا نزول كتاب واحد من السماء على النبي صلىاللهعليهوآله يقرؤه الجميع كما هو مدلول آية الإسراء.
وقيل : المراد نزول كتب من السماء عليهم بأسمائهم أن آمنوا بمحمد صلىاللهعليهوآله.
وقيل : المراد أن ينزل عليهم كتب من السماء بالبراءة من العذاب وإسباغ النعمة حتى