غير أن الاستدلال بهذا الحديث على فرض صحة سنده قاصر ، لأن المقصود من الجملة الواردة في حقّ بني فضال هو أن فساد العقيدة بعد الاستقامة لا يضرّ بحجية الرواية المتقدمة على الفساد ، لا انه يؤخذ بكل رواياتهم ومراسيلهم ومسانيدهم من غير أن يتفحص عمَّن يروون عنه ، بل المراد أنه يجري على بني فضال الحكم الذي كان يجري على سائر الرواة ، فكما أنه يجب التفتيش عنهم حتى تتبيّن الثقة منهم عن غيرها فهكذا بنو فضال.
قد استدل المحدث النوري في مستدركه (١) على وثاقة كل من روى جعفر بن بشير عنهم ومن رووا عنه بما ذكره النجاشي في رجاله حيث قال : « جعفر بن بشير البجلي الوشاء من زهاد اصحابنا وعبّادهم ونسّاكهم وكان ثقة وله مسجد بالكوفة ـ إلى أن قال : مات جعفر رحمهالله بالأبواء سنة ٢٠٨ هـ. كان أبو العباس بن نوح يقول : كان يلقّب فقحة العلم (٢) روى عن الثقات ورووا عنه ، له كتاب المشيخة » (٣).
ولكن الظاهر أن العبارة غير ظاهرة في الحصر ، بل المراد أن جعفر بن بشير يروي عن الثقات كما تروي الثقات عنه ، وأما إنه لا يروي عنه إلا الثقات وهو لا يروي إلا عنهم ، فلا تفيده العبارة ، كيف ومن المستبعد عادة أن لا يروي عنه إلا ثقة وهو خارج عن اختياره ، وأقصى ما تفيده العبارة أن القضية غالبية.
كيف وقد روى جعفر بن بشير عن الضعيف أيضاً.
__________________
١ ـ مستدرك الوسائل : ٣ / ٧٧٧ ، الفائدة العاشرة.
٢ ـ هكذا ضبطه في الايضاح على ما نقله قاموس الرجال والفقحة من النبت الزهرة ، كما ضبطه في الخلاصة : ٣٢ ، ورجال ابن داود بـ « قفة العلم ».
٣ ـ رجال النجاشي : الرقم ٣٠٤.