والشواهد على صدق الراوي وصدور الرواية ، فالجواب ما ذكره قدسسره.
ثمَّ إنَّ محلَّ البحث في حجّية قولهم ، إنَّما هو إذا لم يحصل العلم من قولهم أو لم يتحقّق الاطمئنان ، وإلا انحصر الوجه في قبول قولهم من باب التعّبد ، وأما الصورتان الاُوليان ، فخارجتان عن محلّ البحث ، لأنَّ الأوّل علم قطعيّ ، والثاني علم عرفي وحجّة قطعية وإن لم تكن حجّيته ذاتية مثل العلم.
إنَّ الخلاف العظيم في معنى العدالة والفسق ، يمنع من الأخذ بتعديل علماء الرجال بعد عدم معلوميّة مختار المعدِّل في معنى العدالة ومخالفته معنا في المبنى ، فإنَّ مختار الشيخ في العدالة ، أنَّها ظهور الإسلام ، بل ظاهره دعوى كونه مشهوراً ، فكيف يعتمد على تعديله ، من يقول بكون العدالة هي الملكة.
وأجاب عنه العلاّمة المامقاني ( مضافاً إلى أنَّ مراجعة علماء الرجال إنَّما هو من باب التبيُن الحاصل على كلّ حال ) ، بقوله : إنّ عدالة مثل الشيخ والتفاته إلى الخلاف في معنى العدالة ، تقتضيان ارادته بالعدالة فيمن أثبت عدالته من الرواة ، العدالة المتّفق عليها ، فإنَّ التأليف والتَّصنيف إذا كان لغيره خصوصاً للعمل به مدى الدَّهر .. فلايبني على مذهب خاصّ الا بالتّنبيه عليه. (١)
توضيحه : أنَّ المؤلّف لو صرَّح بمذهبه في مجال الجرح والتَّعديل يؤخذ به ، وإن ترك التَّصريح به ، فالظّاهر أنَّه يقتفي أثر المشهور في ذاك المجال وطرق ثبوتهما وغير ذلك ممّا يتعلّق بهما ، إذ لو كان له مذهب خاصّ وراء
__________________
١ ـ تنقيح المقال : ١ / ١٧٦ ، من المقدمة.