غيرهما وبنزول آيات من القرآن بحقّهما وبإيجاب ثواب الجنّة على عملهما مع ظاهر الطفوليّة منهما وذلك بقوله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ) (١) فعمّهما بهذا القول مع أبويهما وبإدخالهما في المباهلة. قال ابن علاّن المعتزلي : هذا يدلُّ على أنّهما كانا مكلّفين في تلك الحال ؛ لأنَّ المباهلة لا تجوز إلاّ مع البالغين.
وقال أصحابنا : إنَّ صغر السنِّ عن حدِّ البلوغ لا ينافي كمال العقل وبلوغ الحلم حدُّ لتعلّق الأحكام الشرعية فكان ذلك لخرق العادة فثبت بذلك أنّهما كانا حجّة الله لنبيّه في المباهلة مع طفوليّتهما ولو لم يكونا إمامين لم يحتجَّ الله بهما مع صغر سنّهما على أعدائه ولم يتبيّن في الآية ذكر قبول دعائهما. ولو أنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وجد مَنْ يقوم مقامهما غيرهما لباهل بهم أو جمعهم معهما فاقتصاره عليهما يبيّن فضلهما ونقص غيرهم.
وقد قدَّمهم في الذكر على الأنفس ليبيّن لطف مكانهم وقرب منزلتهم وليؤذن بأنّهم مقدَّمون على الأنفس معدُّون بها وفيه دليل لا شيء أقوى منه هو أنّهم أفضل خلق الله.
واعلم أنَّ الله تعالى قال في التوحيد والعدل : (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) (٢) وفي النبوَّة والإمامة : (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا
____________________
(١) سورة الدهر : الآية ٧.
(٢) سورة آل عمران : الآية ٦٤.