أهل البادية في الصحراء وفي بعض المدن المتحضّرة.
ويختلف سبب الوأد عند القبائل ، فمنهم من يَئد البنات غيرة على العرض ومخافة من لحوق العار ; لأنّهم أهل سطو وغزو ، وكانت الذراري تساق مع الغنائم ، ويؤخذ السبي فتكون بناتهم عند الأعداء ، وهذا منتهى الذلّ والعار.
قال أحد شعرائهم :
القبر أخفى سترة للبنات |
|
ودفنها يروى من المكرمات |
وكانت بنو تميم وكندة من أشهر القبائل تئد البنات خوفاً ; لمزيد الغيرة.
ومنهم من يئد البنات لا لغيرة أو خوف من عار ، بل إذا كانت مشوّهة أو بها عاهة ، مثلاً إذا كانت زرقاء أو سوداء أو برشاء أو كساح ، ويمسكون من البنات من كانت على غير تلك الصفات لكن مع ذلّ وعلى كره منهم.
ومنهم من يئد البنات خوف الفقر والفاقة ; لأنّ العرب يعيشون في أرض قاحلة لا كلأ فيها ولا ماء ، فتمرّ عليهم سنون شديدة قاسية ، فيضطرون لأكل العلهز ، وهو الوبر بالدم ، وذلك من شدةّ الجوع ، وإلى هذا أشار تعالى في قوله :
(وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَق نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) (١).
وقال عزّ وجل :
(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْم وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِرَاء عَلَى اللهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ) (٢).
وقال تعالى :
(وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاق نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً
__________________
(١) الأنعام : ١٥١.
(٢) الأنعام : ١٤٠.