يفرح ويستبشر إذا جاءه ولد ، وأشار الله سبحانه إلى هذه الظاهرة بقوله تعالى : (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ) (١).
كانوا يعاملونها معاملة حقيرة حتى إنّهم جعلوا صفة الضعف والصغار والهوان ملازمة لها ، واستعملوا كلمة المرأة في الاستعارة والكناية والتشبيه ، بها يقرّع الجبان ، ويؤنّب الضعيف ، ويلام المخذول المستهان والمستذل المتظلم.
قال الشاعر زهير بن أبي سلمى يهجو حِصن بن حذيفة الفزاري :
وما أدري وليتَ إخال أدري |
|
أقومٌ آل حصن أم نساء (٢) |
وقد أكثر الشعراء في وصف حالهم وحال المرأة في ذلك العهد ، وعجزها عن العمل والمقاومة ، في حين أنّ البنين أقوى منهنّ ، ويتاح لهم ما لا يتاح لهنّ.
قال أحدهم :
وزادني رغبة في العيش معرفتي |
|
ذلّ اليتيمة يجفوها ذوو الرحم |
أخشى فظاظة عم أو جفاء أخ |
|
وكنتُ أبكي عليها من أذى الكَلم |
تهوى حياتي وأهوى موتها شفقاً |
|
والموت أكرم نزّال على الحرم |
إذا تذكّرت بنتي حين تندبني |
|
فاضت لعبرة بنتي عبرتي بدم |
ولعلّ أبرز مظاهر ظلم المرأة في الجاهلية هي مسألة وأد البنات ، تلك العادة القبيحة اللاإنسانية التي كانت واسعة الانتشار في تلك الأيام في الجزيرة العربية عند
__________________
(١) النحل : ٥٨.
(٢) الكشّاف ٤ : ٣٦٧ ، الصحاح ٥ : ٢٠١٦ ، لسان العرب ١ : ٥٠٤ «قوم».