تحرج وضع الحكومة العثمانية في تلك المناطق ، اذ لم تلبث فصائل الثوار ان ملأت المنطقة كلها. وفي الوقت الذي قامت فيه فصائل الشيخ العربي الذي اتخذ لنفسه لقباً فارها هو مبارك (١) شاه بأجتياح منطقة البصرة استطاع المدعو محمد بن احمد الطويل وكان من اقرباء احد زعماء العصاة في اسيا الصغرى ان يستولي على بغداد نفسها. وقد تجمعت تحت رايته اعداد كبيرة من العرب بحيث استطاع ان يحطم القوات العثمانية التي ارسلت ضده من ديار بكر بقيادة ناصيف باشا دون صعوبة تذكر (٢) ، وواصل الحكم في بغداد حيث تولى حكمها من بعده ابنه مصطفى. وظل هذا الاخير في بغداد حتى عام ١٦٠٨م عندما طرده منها محمد باشا جغاله زاده الذي عيّن والياً عليها للمرة الثانية وهو ابن احد الجنوبيين المرتدين (٣).
وفي الوقت نفسه حدثت في البصرة التي كان الثوار قد عزلوها عن بقية العراق احداث في غاية الاهمية فمنذ بعض الوقت اخذ يعلو في عاصمة العراق الجنوبي شأن اسرة احد كبار ملاك الارض العرب ويدعى سياب (٤) ، وكان ممثل هذه الاسرة انذاك يشغل منصب قائد القوات غير النظامية التابعة لحاكم البصرة ايوب باشا. وقد استغل هذا العربي الذكي الحاذق الاضطرابات التي شملت العراق وعجز الباشا الذي ترك يواجه مصيره لوحده في المنطقة التي شملها العصيان فدفع الحاكم سيء الحظ
__________________
(١) مبارك المشعشي. (المترجم).
(٢) Jorga, Op. Cit. T. IIIS. ٤٣٥.
(٣) يقصد احد الجنوبيين الذين تركوا المسيحية واعتنقوا الاسلام. (المترجم).
(٤) يقصد المؤلف هنا الاسرة المعروفة باسم افرسيان التي حكمت البصرة في الفتية ١٥٩٦ ـ ١٦٦٨ م. (المترجم).