استثناء سعيداً. وقد انعكس تدهور الدولة العثمانية بالدرجة الاولى في انعدام الضبط داخل القوات العسكرية وفي التمردات العسكرية المتواصلة في اسطنبول وفي الاقاليم وكان التغلب على الجنود المنفلتين وعلى الاخص الانكشارية امراً صعباً لا سيما وان العرش كان قد شغله اعتباراً من احمد الاول امراء صغير والسن كانوا قد خرجوا لتوهم من سجن الحريم حيث كانوا يبقون في العادة إلى ان يبلغوا سن الرشد تحت توجيه امهاتهم بل وتوجيه خصيان الحريم (١) ولهذا فليس هناك مايدهش في ان السلطة المركزية التي تعاني من عدم الاستقرار لم تكن مؤهلة للمحافظة على النظام في جميع انحاء الامبراطورية المترامية الاطراف ولا سيما طبعاً في الاصقاع البعيدة كالعراق.
لقد اقترنت في العراق الاصداء الاولى للاضطرابات الجديدة التي شملت الامبراطورية كلها بانتفاضات الاقطاعيين العثمانيين من التركمان والاكراد الذين كانت الحكومة قد جردتهم من اقطاعياتهم بسبب عودتهم من الحملة البحرية في ١٥٩٨م دون اذن من الحكومة لذلك فقد ثاروا بزعامة البكلربك المصري السابق العقيد عبد الحليم. وقد استولى هذا المغامر الذي اشتهر بلقب «قره يازجي» أي «الكاتب الاسود» في البداية على اديساً (٢) ثم اخضع ، بعد ان وجد له الكثير من الحلفاء بين اقطاعي اسيا الصغرى ، شمال غرب ما بين النهرين والجزء المتاخم له من اسيا الصغرى. اما في جنوب العراق فقد بدأت الاضطرابات عندما شارك الي بغداد انذاك دلي حسن في عصيان اخيه قره يازجي الامر الذي ادى إلى
__________________
(١) . G. R. Von Sax. Geschichite des Machtverfalls der Turkei Wien ١٩٠٨, S. ٥٠.
(٢) مدينة أورفة حالياً. (المترجم).