ايوب باشا (١) إلى ان يتنازل عن منصبه له مقابل ٤٠٠٠٠ قرش ويهرب من البصرة وقد دفع بعد ذلك رأسه ثمناً لهذا التصرّف (٢). وقد استولى سياب بعد سفر الباشا على السلطة العليا في البصرة ثم اسرع يخبر السلطان بخضوعه له واستعداده لان يكون تابعاً للدولة العثمانية وقد استغل الباب العالي هذا التوجه الذي يدل على الخضوع بعطف خصوصاً وانه كان في ذلك الوقت مشغولاً في تركيز كل اهتمام وقوة الحكومة المركزية على تهدئة القوات العسكرية في العاصمة نفسها وفي اخماد الانتفاضات القائمة في اسيا الصغرى. وكان هناك سبب آخر في تثبيت سياب في منصب عامل البصرة وكان ذلك قد حصل بوجب فرمان سلطان خاص في ١٦١٦ م. وهو ان رفض الباب العالي يمكن ان يدفع هذا العربي المتنفذّ إلى احضان الشاه لا سيما وان العرش الفارسي لم يكن يشغله في ذلك الوقت طهماسب الضعيف الذي يعوزه الحزم بل حفيده عباس الذي سمّي بالكبير.
تغيرت ادوار كل من فارس والدولة العثمانية في ذلك الوقت ايضاً فقد كانت الاولى تأخذ باسباب القوة في حين تزداد الثانية ضعفاً بسبب التحلل الداخلي. لقد كانت فارس خارجة لتوها من فترة اضطراب وبلبلة داخلية استمرت من موت طهماسب الطاعن في السن عام ١٥٧٦ م. إلى ارتقاء حفيده عباس مرزا العرش في ١٥٨٧م وقد استغلت الدولة العثمانية ضعف جارتها فاقتطعت منها جورجيا واذربيجان وخانية شيروان في حين استولى حلفاء الازبيك وهم جيران الفرس من ناحية الشرق واعدائهم منذ
__________________
(١) كان حاكم البصرة في تلك الاثناء هو علي باشا وليس ايوب باشا. (المترجم).
(٢) J, B. Tavennier lessix voyages en Turquie. En perse et eux Indes T. ١, (Paris, ١٦٤٢), P. ٢٤٤.